١ - إسهام المفردة في التجسيم
أراد الخالق عز وجل أن يسهّل على عباده فهم القرآن، فجسّم لهم كثيرا من المعاني الدينية، إذ نقلها البيان القرآني من حيّز المجرّد الذهني إلى حيّز المادي المحسوس بوساطة الاستعارة، ومن هذا القبيل التعبير عن الهدى بالضياء، والضلال بالظلام، وكان هذا الأسلوب الحسي من عوامل استمرار تأثير الصورة القرآنية، كما أنه استخدم هذا في المتشابه المعنوي كالتعبير عن القدرة باليد والهيمنة بالكرسي وغير هذا، إضافة إلى الصورة الفنية.
- التجسيم لغة:
يبيّن لنا المعجم أن التجسيم يدلّ على ظاهر محسوس، ففي لسان العرب:
«الجسم جماعة البدن أو الأعضاء من الناس والإبل والدّوابّ وغيرهم من الأنواع العظيمة الخلق، وجسم الشيء حقيقته» «١» وفي المعجم الوسيط نقرأ:
«الجسم: الجسد، وكل ما له طول وعرض وعمق» «٢» فهو يمتاز بأبعاد ثلاثة.
- التجسيم اصطلاحا:
يتبين لنا من المدلول اللغوي أن مصطلح التجسيم مشتق من جسم، فمصطلح «التجسيم» يعني إعطاء الفكرة جسما، هذا ما يلوح من الأصل اللغوي والاشتقاق.
أما المعنى الفني المراد هنا فيقول فيه المعجم الأدبي: «هو ميل معاكس للتجريد، أي إبراز الماهيات والأفكار العامة والعواطف في رسوم وصور وتشابيه محسوسة، هي في واقعها رموز معبرة عنها» «٣».
(٢) مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مادة (جسم): ١/ ١٢٣.
(٣) عبد النور، جبور، ١٩٧٩، المعجم الأدبي، ط/ ١، دار العلم للملايين، بيروت، ص/ ٥٩.