٤ - جمالية الحركة في المفردة
الحركة مظهر من مظاهر الوجود الحي، فبدءا من الذّرّة حتى المجرات نجد أن الحركة سمة المخلوقات، وكذلك هي سمة الكائنات الحية، فالحركة حياة والسكون موت، كما تؤكد حركة الوجود بثّ الروح فيه وطواعيته للخالق عزّ وجلّ، وهي ليست حركة عمياء، بل قدّر لها كلّ شيء.
وللمنظّرين آراء في جمال الحركة في الفن، وهم يطلقون صفة الجمال عليها بقدر ما تعبر بصدق تصويرها عن الحياة، فالحركة موجودة في حياتنا، في تصرفاتنا اليومية، وموجودة في الفنون على تنوعها.
وغايتنا في هذه الفقرة التحدّث عن الحركة التي تنقلها بعض مفردات القرآن، ومن ثمّ البحث في أنواع هذه الحركة، وبسط علاقتها الوشيحة بالحالة الشعورية، واستحقاق مطابقتها لحكم المنطق.
وقد تطرق «جويو» لجمال الحركة في الحياة والفن، ورأى أنها قوية رشيقة وبطيئة، وقال في ذلك الموضع من كتابه «مسائل فلسفة الفن المعاصرة»:
«فالجمال الأسمى في الحركات إذن من غير الحركات، إنه يأتي من فوق، ويأتي من أفق الإرادة والعواطف، ولكي نجد تعليله الصحيح، فلا بدّ من الصعود إلى هذا الأفق أفق الارادة والعواطف» «١».
وهذا شيء صحيح ما دامت التصرفات ترجمة لما يرسله الدّماغ المتأثر بالمشاعر من أوامر عن طريق الأعصاب، فتتحرّك العضلة المطلوبة، لذلك تنحصر غايتنا في الدافع النفسي للحركة، وحجم تصويرها للمواقف، وكشفها بدقّة عن المشاعر الدفينة، مما يثير مشاعر القارئ بالصورة.
ويمكن أن نجد هذه الجمالية تحت عنوان الاستعارة، في كتب القدامى، كتصوير الحركة القوية، وذلك لوضوح استعارة الزلزلة للاضطراب، والانقلاب