للتحولات الوجدانية وغير هذا.
وقد تنبّه الأسلاف القدامى إلى جمال الحركة القوية أكثر من الحركة الخفيفة البطيئة، إلا أن وقفاتهم لم تشتمل على كل ما جاء في الكتاب الكريم.
ولم تسر على منهج واحد من الوضوح والكشف الفني، فقد يشير الدارس إلى جمال الحركة في الصيغة ولا يؤبه بها في موضع آخر، وقد تكون النظرة من خلال الفروق اللغوية، أو في سياق توضيح الاستعارة، فقد لمسوا قوة الحركة وسرعتها أو بطأها مشيرين أحيانا إلى إيحائها على قدر مصطلحهم وعصرهم.
ونمرّ في هذه العجالة بمفردات شهد لها بتصوير الحركة: القوية السريعة والبطيئة، ومن ثمّ نعرّج على تجسيم الصوت والصيغة للحركة كما جاء عند بعض المحدثين، ونترك التوسع في تجسيم الصوت للمعاني إلى مكان آخر، وسوف نبين أخيرا سلبيّات بعض المحدثين في إقحام المفردة في لجج أوهامهم واستنطاقها ما ليس فيها.
- الحركة القوية السريعة:
ولا بأس أن نمرّ ببعض النماذج وفق ما جاء لدى الدارسين، فقد أشار ابن قتيبة إلى قوة الانزلاق في قوله تعالى: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ «١».
فلا شك أن الانزلاق هو الذي لفت نظره وجعله يقف على هذه الآية قائلا: «يريد أنهم ينظرون إليك بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقك من شدّته أي يسقطك» «٢».
ولكنه لا يبسط هذا الانزلاق الحسّي، ولا يربطه بحركة العيون كما يريد البيان القرآني، وقد ظلّ مفسّرا للمعنى، ولم يظهر أبعاده الفنية، ثم شغل بذكر شعر في المعنى نفسه، بدلا من الاهتمام بهذه المفردة التي تصوّر العيون تحرّك وتبطش.
(٢) ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، تأويل مشكل القرآن، ص/ ١٢٩.