الظاهرة الفنية التي تسمى «الأونوماتوبيا» معتمدين شواهدهما، ومقتفين أثرهما.
والأونوماتوبيا فن يستلهم المعنى من أصوات الكلمات، وسوف نذكر تطبيقات المحدثين الذين أولعوا بها، معتمدين الخيال والرأي الذاتي على الأغلب، ومن هذا ما جاء في تأمل الآية: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ «١»، يرى قطب أن الصورة الصوتية رسمت الحركة المعنية،: «وإنك لمدرك أنّ صورة التبطئة أدّتها الكلمة «ليبطّئنّ» بجرسها إضافة إلى ما أدّته النونات في الكلمتين السابقتين من تأكيد لهذا الجرس الخاص» «٢».
ولم تربط هذه الظاهرة الفنية بمعطيات علم اللغة، فبقيت غالبا في مظانّ الوهم، ويبدو هنا أن حركة الفتح تقابل السير الطبيعيّ المعتاد، ثم يمثّل الخمول والتراجع بالوقوف على الشّدّة، وما يتبعها من كسر الطّاء.
من هذا القبيل كلمة «يترقّب» من قوله تعالى: فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ «٣»، فإذا قرأنا تعليقهم لمسنا فيه شطحة خيال، وشيئا من التعتيم، لأن هذه النظرة لا تقوم على منهج علمي، إنما تظل غامضة وعالقة بذوق مبهم، أو انبهار كبير، يقول سيّد قطب: «هناك مفردات قرآنية من نوع آخر، يرسم صورة الموضوع لا بجرسه الموسيقى، بلّ بظلّه الذي يلقيه في الخيال، فمفردة «يترقّب» ترسم هيئة الحذر المتلفّت في المدينة التي يشيع فيها الأمن والاطمئنان في العادة» «٤».
ولا تحدّد هذه النظرة الفردية كيفية الرّسم، إنه توقّع إشعاعي خاص، ولكي يبتعد الدارس عن هذا المنهج يعود إلى جزئيات المفردة.
ويمكننا أن نقول: إن موسى عليه الصلاة والسلام يمشي بتمهّل، إلا أن

(١) سورة النّساء، الآية: ٧٢.
(٢) قطب، سيّد، التصوير الفني، ص/ ٧٨، وانظر الشيخ أمين، التعبير الفني، ص/ ١٨٠.
(٣) سورة القصص، الآية: ١٨.
(٤) قطب، سيد، التصوير الفني، ص/ ٨١، وانظر الشيخ أمين، التعبير الفني، ص/ ١٨٠.


الصفحة التالية
Icon