الحروف، وليس على الحركات.
أما المحدثون فقد تكلّموا على الرسم بالحرف والحركة ورسم الحركة البطيئة والقوية والمتكررة.
يصل قطب إلى شواهد القدامى التي علّلوها، ويقنع بالظلال النفسية، وينفي علة الأصوات، فهو يقول عن «زحزح»: «إنّما هو القرآن يدع الألفاظ تلقي ظلالا معينة، فيرسم في الضمير مشهد مخيف، جهد الزحزحة، وهي الحركة البطيئة العنيفة... و «زحزح» نفسها ترسم صورة لمعناها» «١».
فقد تخلى عن المعيارية التي قدّمها فقهاء اللغة مشيرين إلى وجود كلمات تحاكي الطبيعة بأصواتها، وقد انتقل إلى تصوير نفسية المتزحزح، ومشقّة البعد عن النار، وقوله «صورة لمعناها» يطّرد في كتبه، وهو ما يرتضي به في تفسير علاقة الصوت بالمعنى أو الحركة.
ولعل عنف الحركة يمثّل في نطق الحاء في الحلق، فالحاء الساكنة فيما يبدو تخرج من الحلق باحتكاك بجدرانه، وهذا يمثّل حركة الزحزحة العنيفة اللصيقة بالأرض.
ولا نعدم قلّة من الدارسين تذكر مقياس القدامى، وهذا يفيد في عدم الشّطط، ففقهاء اللغة أقرّوا أن ما كان على وزن (فعلان) - كما سنجد في مكان لا حق- يدلّ على الاضطراب والنشاط، مثل: الرّجحان والخفقان والغليان والفوران، وضياء الدين عتر يذكر قوله عزّ وجلّ: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ «٢»، ويدلي برأيه الذي يؤكد بثّ الحركة المقصودة في مفردات القرآن، وهذا مما يمكّن الفاصلة، وهي أبعد ما تكون عن اللجوء إلى الألف والنون، ويقول: «الحيوان في اللغة مصدر حيّ، وقد سمّي به كلّ ذي حياة، وهو أبلغ من الحياة، لأنّ في صيغة فعلان معنى الحركة والنشاط الملازم
(٢) سورة العنكبوت، الآية: ٦٤.