للحياة» «١».
فالمعنى الأول تقرير الخلود والاستمرارية ويكون في لفظة حياة، أما المعنى الثاني الذي تدلّ صيغته على معنى النشاط، وطرد الملل عن الذهن، فلا يكون إلا في «الحيوان» التي تنفي الجمود والفناء معا، وقد استفاد من إشارة الكشّاف، والشاهد لا يدلّ على تقرير فن «الأونوماتوبيا» بشكل خاص، بل فيه مثال لتبنّي القديم الواضح في تفسير جمالي معقول.
وقد اقتصرنا هنا على تجسيم الصوت للحركة، أما تجسيم الصوت للمعاني المجردة والصورة البصرية، فقد خصّص له مكان آخر سوف نبحث فيه أصالة هذه الفكرة، ونقدم نماذج كافية إن شاء الله.
لا ريب في أن القرآن الكريم اعتمد فن التصوير لتوصيل معانيه الجليلة، وينقل التصوير الكلام في القرآن من طابع السّرد إلى مشاهدات محسوسة، والقرآن يصور بالحوار كما في القصص، وبالمفردات وبأسس النّظم.
كما أن الميل القوي إلى المحسوس واحد من أهم عناصر التصوير القرآني، وقد قصدنا في هذا الفصل الصورة التي تختصّ بإبراز المجرّدات إلى محسوسات، وبيّنّا أن وسائل الصورة البصرية هي: التجسيم والتشخيص ومشاهدات الطبيعة واستخدام مفردات تدل على الحركة المناسبة.
ويجب أن نؤكد أن الصورة البصرية في القرآن تتمتع بثنائية التوضيح والتأثير معا، فلا يكون المشبّه به أو المستعار توضيحا زائدا، بل هما من صلب المعنى نفسه، وبهما
يتمّ هذا المعنى، وما أبعد القرآن عن توضيح شيء ثم تصويره.
وقد حاول القدامى أن يبرزوا أهمية المفردة المستعارة أو المشبّه به، فدلّوا على إقناع العقل، إذ حرصوا على ربط المستعار بالمستعار له، وتبيين وجه الشبه، وليتقربوا من أفهام القرّاء، ولا يعني هذا جفافهم وسكوتهم عن الأثر النفسي للصورة، وإن وجدنا إجمالا في بعض الأحيان، فهم احترزوا من