الضمة» «١».
وكأنما صار مفهوم الخفّة يتّصل بما هو رقيق فقط، ويجب أن نؤكد أنّ خفّة مفردات القرآن متحقّقة في الأصوات القوية والأصوات الرّخيّة، ودليل هذا عدم النّبوّ، وسهولة النطق.
ومن البداهة أن تكون دلالة شكّ غير دلالة ريب، وأنّ الإدغام موجود في القرآن، فليس هناك مانع من وجود «شكّ» إلا موافقة الدّال للمدلول، وهذا ينطبق على «وهن» وضعف، فقد قال تعالى: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ «٢»، وقال: قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «٣»، وذلك أنه لا بدّ من ملاحظة أمرين:
الأول: نظم الكلام الذي وقعت فيه الكلمة من حيث انسجام الصوتيات.
الثاني: المعنى المراد، فالرّيب هو الشّكّ مع التّهمة، أما الشّكّ فهو عدم ترجيح أحد الاحتمالين أو الأمرين.
ومما يستحبّ هنا هو إحساس البارزي بقوة الضادّ ورقّة الهاء، فهو يبيّن علّة الخفّة التي خفيت على كثير من أسلافه، ويتابع رأيه قائلا: «ومنها «آمن» أخفّ من صدق، ولذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق، و «آثرك الله» «٤» أخفّ من فضّلك الله و «أتى» أخفّ من أعطى، و «أنذر» أخفّ، من خوّف، و «خَيْرٌ لَكُمْ «٥» أخفّ من أفضل لكم، والمصدر في «هذا خلق الله» «٦» و «يؤمنون بالغيب» «٧» أخفّ من مخلوق والغائب، ونكح أخفّ من تزوّج، لأن فعل أخفّ
(٢) سورة يونس: الآية: ٩٤.
(٣) سورة إبراهيم، الآية: ١٠.
(٤) سورة يوسف، الآية: ٩١.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١٨٤.
(٦) سورة لقمان، الآية: ١١.
(٧) سورة البقرة، الآية: ٣.