وينبوع رجاء» «١».
ولا ريب في أن اختلاف المواقف يتأتّى منه اختلاف الصفات الهامشية، فالكلمة رهينة تلك الحالة الشعورية، وقد كسرت قيود الدلالة اللغوية المركزية، وهذه مقولة يتفق عليها كل النقاد، فهي في عداد النواميس الأدبية.
وقد ذكر لاسل آبر كرمبي ما يشبه كلام الشائب، فجعل المركزية نواة، والمعاني الأدبية تطوف حولها، وذلك يتحدد في قدرتها على ملائمة قرائنها في الموضوع «٢»، ومخزونها التأثيري في المتلقّي بهذه الطائفة من المعاني الثانوية، ولكنّ التفاوت يعود في رأيه إلى تخصيص المكان المناسب للمفردة، وهذا من صلب نظرية النظم للجرجاني «٣» الذي أطنب في شرحها.
بيد أن الخطوة الأولى التي تسبق ذلك التركيب الإبداعي تتعيّن في اختيار المفردة، وسوف نعود إلى توفيق الدارسين بين المفردة والنظم وعدم الإجحاف بطرف منهما في مكان لاحق، وفي هذا يقول الزيات: «وفي اختيار الكلمة الخاصة بالمعنى إبداع وخلق، لأن الكلمة ميتة ما دامت في المعجم، فإذا وصلها الفنان الخالق بأخواتها في التركيب، ووضعها موضعها الطبيعي من الجملة، دبّت فيها الحياة، وسرت فيها الحرارة» «٤».
يسعى الأديب إلى اختيار أسلوب فريد لمادته الكلامية، وذلك حفاظا على منحى الإبداع، وعدم الدّوران في فلك الآخرين، والاتكاء على تعابيرهم، فيبثّ إيحاءه الشخصي، ليجتاز إيحاءات غيره، وفي هذا يقول بختين: «إن

(١) الشائب، أحمد، ١٩٧٣، أصول النقد الأدبي، ط/ ٨ مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ص/ ٦٢.
(٢) كرمبي، لاسل آبر، ١٩٣٦، قواعد النقد الأدبي، ط/ ١، تر: د. محمد عوض محمد. سلسلة المعارف العامة، القاهرة، ص/ ٤٠.
(٣) هو عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، واضع أصول البلاغة، كان من أئمة اللغة، وله شعر رقيق. من كتبه «أسرار البلاغة»
و «دلائل الإعجاز» و «الجمل» في النحو و «العمدة» في التصريف، توفي سنة ٤٧١ هـ، انظر الأعلام: ٤/ ١٧٤.
(٤) الزيّات، أحمد حسن، ١٩٤٥، دفاع عن البلاغة، ط/ ١، مطبعة الرسالة، القاهرة، ص/ ٨٢.


الصفحة التالية
Icon