فالكلمة تتخذ دلالة خاصة وإشعاعا يدلّ على القبح، خلافا لما جاء في الآية على لسان امرأة عمران: إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً «١».
وقد علّق البيومي على الآية السابقة قائلا: «فإن تصوير ذلك باللفظ مما يعيد المنظر الهائل مفجعا مفزعا حين يتصوّره الخيال في أفجع مثال» «٢».
وقد وردت كلمة «بطون» بصيغة الجمع سبع مرات في مواقف تصوير العذاب، وأربع مرات مختصة بالحيوان كالأنعام والنّحل، مما يدلّ على أن الكلمة في شاهد الشريف الرضي توحي بالطّبع الحيواني وبشاعته عند من يتاجر بآيات الله، ويكذّب بها، وهي تهبط بآدميّته، خصوصا حين تصوّر الجشع والنّهم، كما وردت كلمة «الخرطوم» في الآية الكريمة: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ «٣» والمقصود أنف واحد من المشركين قيل: هو الأخنس بن شريق أو الأسود بن عبد يغوث أو الوليد بن المغيرة «٤».
والجدير بالذكر أنّ تصوير القبيح في القرآن يمتاز بقوة استمرار التأثير، وبحسّيته الواضحة، وقد قال جارييت حول وضوح القبيح: «مما يؤسف له أن الأشياء القبيحة التي نتحاشاها ندركها بالسّهولة التي ندرك بها الأشياء الجميلة «٥».
وهذا يؤكد كمال إعجاز القرآن، لأنه أتى بالجمال الفني من وجوهه كلّها الإيجابية والسّلبية.
وفي كشاف الزمخشري نقع على غزارة هذه المادة، وهو يعوّل على الواقع الملموس، والتّجربة البشرية، وطبيعة النّفس الإنسانية، وأحيانا يتّخذ المعيار اللغوي حكما، بيد أن الجانب النفسيّ للدّلالة الخاصّة مراعى في أغلب لمحات
(٢) البيومي، د. محمد رجب، خطوات في التفسير، ص/ ١٨٤.
(٣) سورة القلم، الآية: ١٦.
(٤) انظر السيوطي، جلال الدين، ١٩٧٨، أسباب النزول حاشية تفسير الجلالين، ط/ ١ دار الملاح دمشق، ص ٧٥٣.
(٥) جارييت، فلسفة الجمال، تر: عبد الحميد يونس، ص/ ١٠٨.