يضفي عليها السّياق القرآني دلالة خاصة تبعدها عن المعنى المتعارف عليه، ومن هذا ما يسند إلى الخالق عزّ وجلّ من مفردات تثير الخيال البشري، وتؤكّد الهيبة العظمى.
٤ - ومن النتائج التي توصل إليها البحث إمكان استقلال المفردة بجمال فعّال في سبك الآيات، وقد أكّدنا عدم وجود الترادف في القرآن، فكلّ مفردة تستقلّ بمعنى لا يكون في مرادفة لها، وأقررنا بوجود الترادف في العربية لأسباب عدّة كتعدّد الواضعين والتّصرّف بالصوتيات ووجود المجاز وغير هذا، وقد أثبتنا بعض الشواهد التي تؤيّد الفروق اللغوية بالاستعانة بجهود العلماء.
٥ - لم تنف المفردة جمال النّظم القرآني، بل يضاف جمالها إلى نظرية النظم، لأنّ المفردة تعدّ من جزئيات النّظم، وهي الخطوة الأولى في بناء الجمل، ولهذا تسبق الجمال الناشئ عن العلاقات النحوية بين المفردات.
٦ - دلّ القرآن والحديث النبوي على جمال التشكيل الصوتي للقرآن، وقد وقع الدارس القديم على هذا الجمال، ودلّ على مواطن الحسن أحيانا، إلا أن اهتمامه كان ينصبّ في تبيين الصورة البيانية، وتوصيل المعنى، ولهذا لم ندّع أن المحدثين هم مكتشفو الجمال الموسيقى.
٧ - إن تذوق البلاغة القرآنية لم يقتصر على الأدباء وحدهم، كما أنّ هذا التذوّق لا يقتصر على عصر معيّن، فالإعجاز القرآني تحدّ لكل عصر، وإن تقدّم الفنون والدراسات يعدّ مفتاحا لقراءة جديدة فنية لبسط معالم جديدة في جمال القرآن، ونقصد بجمال القرآن، جمال الشكل الفني المعجز، وليس جمال المحتوى الدّيني فيه. وأبعاده الإنسانية كصفات الخالق وعلاقة الإنسان بخالقه وغير هذا.
هذا من حيث بيان وجوه جمال المفردة وأسلوبها في القرآن، أما من الوجهة التاريخية فقد توصّل البحث إلى الاستنتاجات الآتية:
١ - استطاع القدامى معرفة إسهام المفردة في الصورة الفنية، وبيّنوا إضاءتها للنص، وانفرادها بالجمال البياني، وكانوا يهتمون بتوصيل إقناعها للعقل وأثرها في الوجدان، وأدركوا أن الحسّية تقصد لأجل زيادة الأثر النفسي، كما


الصفحة التالية
Icon