كتابه «معترك الأقران في إعجاز القرآن» مثل فصل ما وقع فيه بغير لغة الحجاز وفصل «الوجوه والنظائر» وكذلك سبقه إلى هذه العناوين الزركشي «١» في الجزء الأول من «البرهان في علوم القرآن».
وربما انبثقت عناية الأسلاف بلغوية المفردات القرآنية من سؤالات نافع بن الأزرق «٢» للصّحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنهما، مع أن القرآن يبقى دائما موضوعا للتساؤل. فقد كان يسأل عن ذكر العرب للمفردة، فيردّ عليه ابن عباس ببيت شعري موثّقا عربية المفردة القرآنية، ومثل هذا قول ابن الأزرق:
أخبرني عن قوله تعالى: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا «٣»، قال رحمة من عندنا، قال:
وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت طرفة بن العبد يقول:

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وقد أورد السيوطي هذه السؤالات في خمس وعشرين صفحة «٤».
- المنهج الثاني: الدراسات الجمالية التي ركّزت على فنية الكلمة، وهذه مبثوثة في أولى دراسات القرآن لدى أبي عبيدة على قلّة، ثم كثرت هذه الإشارات أو اللمحات الفنية في كتب الإعجاز والتفسير بالرأي، وذلك بطرائق
في القاهرة، وعاش زاهدا إلى أن توفي فيها، من كتبه «الأشباه والنظائر» و «همع الهوامع» في النحو و «المزهر» في اللغة، و «معترك الأقران في إعجاز القرآن» و «الخصائص والمعجزات النبوية» و «شرح شواهد المغني» و «تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك» توفي سنة ٩١١ هـ انظر الأعلام ٤/ ٧١.
(١) الزركشي: هو محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، فقيه شافعي، تركي الأصل، مصري المولد والوفاة، توفي سنة ٧٩٤ هـ، له تصانيف كثيرة في عدة فنون منها «الديباج في توضيح المنهاج» في الفقه و «المنثور» في الفقه ويعرف بقواعد الزركشي، انظر الأعلام: ٣/ ٩٣٣.
(٢) نافع بن الأزرق الحنفي، من بني حنيفة، أحد الشجعان الأبطال في العصر الأموي، كان أمير قومه وفقيههم، وإليه تنسب فرقة الأزارقة التي لقي المهلب بن أبي صفرة الأهوال في حربها، قتل يوم دولاب على مقربة من الأهواز سنة ٦٥ هـ انظر الأعلام: ٣/ ١٠٩٤.
(٣) سورة مريم، الآية: ١٣.
(٤) السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، ١٩٨٧ - الإتقان في علوم القرآن، ط ١، دار الكتب العلمية، بيروت، ١/ ٢٥٧.


الصفحة التالية
Icon