له من صاحبتها على ما هي موسومة به، حتى يقال: إن «رجلا» أدلّ على معناه من «فرس» على ما سمي به» «١».
ويربط تمكّن المفردة بعلاقتها بأخواتها، ونراه يفنّد تعبير «لفظ متمكن» بعيدا عن النظم إذ يقول: «تجوزوا فكنّوا عن ترتيب المعاني بترتيب الألفاظ ثم بالألفاظ بحذف الترتيب، ثم أتبعوا ذلك من الوصف والنعت ما أبان الغرض، وكشف عن المراد، كقولهم: «لفظ متمكن» يريدون أنه بموافقة معناه لمعنى ما يليه كالشيء الحاصل في مكان صالح يطمئنّ فيه» «٢».
- حجج الدفاع عن المفردة:
مما لا شك فيه أن الجاحظ وأقرانه نظروا إلى المفردة نظرتهم إلى هيئتها المعجمية، فرأوا الجمال في تكاتفها مع غيرها في النسق القرآني، ويبدو أن بعضهم تعثّر في رأيه هذا، ولم ينتبه إلى إضفاء كلمة واحدة معاني جليلة على النص، إضافة إلى استخدام المادة الصوتية في صيغ جديدة ما عهدها العرب، كالحاقّة والصاخّة والقارعة وغير هذا.
وكذلك ينتقي القرآن كلمة «ربّ» في مكان احتياج الموقف إلى الرّبوبيّة، ولا يضع غيرها من أسمائه الحسنى عزّ وجل، فقد اطّرد ذكر هذه المفردة في حال الدّعاء حيث
يكون المرء في ضعف، ومثل هذه المراعاة كثير، فالمفردة في نظرهم شيء معجمي، ولم يتدبّروا مواءمتها للموضوع، وما تختصّ به من دلالة خاصة فريدة، فتتملك موضوعها تملّكا نوعيا.
وما يلفت الانتباه أن الجاحظ الذي أسس هذه النظرة والذي نحا الدارسون نحوه، هو أوّل من يبدي تأمّلا عميقا فاحصا في ملاءمة المفردة لموضوعها من خلال الفروق اللغوية، واحتواء المفردة لمخزون فكري خاص يعني أن الكلمات ليست متساوية في حجم المعنى وكيفيته، وهذا ما يفصّل القول فيه في موضع لا حق من البحث، ويهمنا أن نورد رأيه الذي ورد في «البيان والتبيين» إذ قال: «وقد يستخفّ الناس ألفاظا ويستعملونها، وغيرها أحقّ بذلك منها، ألا
(٢) المصدر نفسه، ص/ ٥١.