المترادفة، أحدها في أسماء الأسد، والآخر في أسماء الحية «١»، ولم يصلنا واحد منهما، ثم تبعه الرماني ببحث يقع في خمسين صفحة من القطع الصغير، يتسم بالجانب التطبيقي مباشرة، فهو لا يقدّم لنا أسباب وجود الترادف، أو مجرد الشكّ في تعميم هذه الفكرة، مما يمثل تنظيرا لغويا، وربّما ذهب هذا التنظير مع الزمن وضياع النسخ.
والرماني يضع كلمة بمنزلة عنوان، ويكون شرحها مجموعة من المترادفات، فعن الفرح يقول: «السّرور والحبور والجذل والغبطة والبهج والارتياح والاغتباط والاستبشار» «٢».
فكلّ هذه المفردات بمعنى واحد، خصوصا أن بحثه الوجيز يحمل عنوان «الألفاظ المترادفة»، وهو أوّل بحث يحمل هذا العنوان، وكذلك يقول عن الغنى: «السّعة والجدة والثروة والميسرة واليسار، والزيد والرشاش والجدا والاقراب والوفر» «٣».
وتعرّض أبو الفتح بن جني أيضا لهذه الظاهرة اللغوية في سفره النفيس «الخصائص»، وتحت عنوان «باب تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني» نجد إقرارا
بوجود الترادف نتيجة الأصل الحسي للمترادفات، فالطبيعة والغريزة والنّقيبة والنحيزة والنّحيتة والضّريبة بمعنى واحد، لأنه استنتج أن المشقّة موجودة في كنف أصولها الحسية، فالطبيعة من: طبعت الشيء، كما يطبع الدّرهم والدّينار، والنحيتة من نحتّ الشيء أي ملّسته وأقررته على ما أردت منه، والغريزة لتغريز الشيء بالآلة التي تثبت الصورة، والنقيبة من نقبت الشيء وهو نحو من الغريزة، والضريبة كذلك لأن الطّبع لا بدّ له من الضّرب، لتثبت الصورة المرادة «٤».

(١) انظر السيوطي، جلال الدين، المزهر: ١/ ٤٠٧.
(٢) الرمّاني، علي بن عيسى، ١٣٢١ هـ، الألفاظ المترادفة، تح: محمود الشنقيطي ط/ ١، مطبعة الموسوعات، القاهرة، ص/ ٩.
(٣) الرمّاني، علي بن عيسى، الألفاظ المترادفة، ص/ ١١.
(٤) انظر ابن جنّي، أبو الفتح عثمان، ١٩٨٢، الخصائص، تح: د. محمد علي النجار، ط/ ١، دار الهدى، بيروت، ٢/ ١١٤.


الصفحة التالية
Icon