وقد أفاض ابن جني في هذه النظرية أي ترادف كلمات المعاني المجردة، لتلاقي الأصول الحسية، وقدّم شواهد وافية، لسنا بصدد ذكرها، لكنه لم يذكر كلمة «الترادف»، ولكن يبدو أنه يقرّ به، وإن خطرت ببالنا هذه الفروق الدقيقة في المرحلة الحسية بين الضّرب والنّحت والطّبع.
ويقول أيضا، «ومن ذلك ما جاء عنهم في الرجل الحافظ للمال الحسن الرّعية له والقيام عليه، يقال: هو خال مال، وخائل مال، وصدى مال وسرسور مال، وسؤبان مال، ومحجن مال، وبلو مال، وعسل مال، وزرّ مال، وجميع ذلك راجع إلى الحفظ له والمعرفة به» «١».
ويذكر السيوطي أن الفيروزآبادي «٢» أيضا صاحب القاموس المحيط الشهير وضع بحثين في الكلمات المترادفة، ولم يصلنا واحد منهما، ويحمل الأول اسم «الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف»، ومن الطبيعي أن نجد فيه أسماء الخمر والسيف والإبل، وغير هذا، مما يردّده فقهاء اللغة، وخصّص البحث الثاني لأسماء العسل، وسماه «ترقيق الأسل لتصفيق العسل» ذكر فيه ثمانين اسما للعسل، ثم استدرك عليه السيوطي اسمين آخرين، إلا أن السيوطي يقرّر أن هناك أسماء للذات كالسيف «٣»، وأسماء للصّفات كالمهنّد أو الخمر والصّهباء، وهذا ما تمسّك به من سلك مسلك الإنكار للترادف كما سنجد.
فمن أسماء العسل كما ذكر السيوطي: «الضّرب والضربة والضريب والورس والذوب واللومة والنّسيل والشّهد والمحران والطّرم والغرب والأسّ والصّبيب» «٤».
(٢) الفيروزآبادي هو مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي الشافعي، من أئمة اللغة والأدب والتفسير والحديث، توفي سنة ٨١٧ هـ، من كتبه «القاموس المحيط» المعجم الشهير، و «سفر السعادة في الحديث والسيرة» و «تحبير الموشين فيما يقال بالسين والشين»، انظر الأعلام: ٨/ ١٧.
(٣) انظر السيوطي، جلال الدين، المزهر: ١/ ٤٠٧، والمسلوف: المهيأ للزراعة من سلف يسلف والأسل: اسم نبات وكل ما يحدّ من سيف أو سكين أو سنان.
(٤) السيوطي، جلال الدين، المزهر: ١/ ٤١٠.