تعدّد المعاني للمفردة الواحدة وفق السياق الخاص للآية، مثل كلمة الهدى التي رصدوا لها سبعة عشر معنى، فهي مثلا بمعنى البيان في قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ «١» وبمعنى التوراة في قوله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى «٢» وبمعنى المعرفة في قوله تعالى: وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ «٣».
وقد ذكر هذا السيوطي تحت عنوان «الوجوه والنّظائر» «٤». وقد كتب في هذا العلم مقاتل بن سليمان صاحب «الوجوه والنظائر»، ورأى أن الصلاة مثلا تكون من الإنسان دعاء، ومن الخالق رحمة، فهذا مشترك لفظي في منظوره، وقد ردّ عليه الحكيم الترمذي المحدث الصوفي الكبير في «تحصيل نظائر القرآن» ورأى أن الجامع بين الصلاتين هو العطف، وعلى هذا يجب أن نسميه مشتركا معنويا لا لفظيا، وهذا أيضا رأي النحوي المعروف ابن هشام.
وقد نقل أبو هلال العسكري رأي المبرّد في كتابه «الفروق في اللغة» وصنّف في هذا المجال أبو منصور الثعالبي «٥» كتابه «فقه اللغة وسرّ العربية»، إذ تحدّث في القسم الأول منه عن الفروق، ولأحمد بن فارس «٦» كتاب «الصاحبي في فقه اللغة».
يرى المبرّد أن جواز العطف يعني تفرّد كل اسم بمعنى خاص مستشهدا بالآية: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً «٧»، يقول: «عطف شرعة على

(١) سورة البقرة، الآية: ٥.
(٢) سورة غافر، الآية: ٥٣.
(٣) سورة النّحل، الآية: ١٦.
(٤) انظر السيوطي، جلال الدين، الإتقان: ١/ ٢٩٩.
(٥) هو عبد الملك بن محمد أبو منصور الثعالبي من أهل نيسابور، وكان فرّاء يخيط جلود الثعالب، توفي سنة ٤٢٩ هـ، من كتبه: «يتيمة الدهر»
من تراجم شعراء عصره، و «فقه اللغة وسر العربية» و «سحر البلاغة» و «الكناية والتعريض» و «الإعجاز والإيجاز»، انظر الأعلام: ٤/ ٣١١.
(٦) هو أحمد بن فارس القزويني، ولد في الري، لغوي، وله شعر حسن توفي سنة ٣٩٥ هـ. من كتبه: «معجم مقاييس اللغة» و «المجمل» و «الصاحبي في فقه اللغة» و «جامع التأويل» في التفسير وغيرها. انظر الأعلام: ١/ ٥٨.
(٧) سورة المائدة، الآية: ٤٨.


الصفحة التالية
Icon