والمعنى» «١».
ولا بدّ من تعليق على تقليص نظريته بشرط عدم تعايش لغتين، وهذا لم يطّرد في القرآن، وكذلك العطف الذي يمكن الاستعانة به في تجربة عملية تقضي بعطف كلمة قرآنية على أخرى قريبة من معناها، فنزيل غشاوة الترادف، ذلك لأن المفردة القرآنية غنية عن العطف، ليظهر تمكّنها من معناها واستقرارها.
ومما ينظر إليه بتقدير أنه يخصص بابا حول العلم مثلا، ويبحث في الألفاظ متقاربة المعنى في مفردتين، فنحصل على الفروق الدقيقة المهمة بين العلم والمعرفة والفهم وغير هذا، ويخصص لكل فرق بين مفردتين ما لا يقل عن أربعة أسطر يدعمها بالشواهد المختلفة، وكل هذا في اللغة الواحدة كما يؤكد.
لقد خصص الثعالبي القسم الأول من كتابه للفروق، وقد اتخذ منهجا مغايرا، ووصل بإسهابه ومحاولته لاستيفاء كل المفردات إلى ذكر الغريب والوحشي الذي ربما يدهش معاصريه وفقهاء عصره، ناهيك عن عصرنا الذي حافظ القرآن فيه على جزء مهم من الرصيد الكبير، فنقع على مفردات دثرتها العصور الخالية، ونبذها الاستعمال، يقول في فصل تفصيل الكثير، على سبيل المثال: «الدّثر المال الكثير، الغمر الماء الكثير، المجر الجيش الكثير، العرج الإبل الكثيرة» «٢».
ومثل «المجر والعرج» يندر استعماله في الشعر القديم فضلا عن القرآن الكريم، وقد ذكر أبو الطيب هذه الكلمة إذ نجد في شعره الكثير من المفردات غير المستعملة يقول:
وتضريب أعناق الملوك وأنت ترى | لك الهبوات السود والعسكر المجر |
(٢) الثّعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد، ١٩٧٢، فقه اللغة وسر العربية، ط/ ١، تح: إبراهيم الأبياري ورفيقيه، شركة مصطفى البابي، القاهرة، ص/ ٧٠.
(٣) ديوان المتنبي، ص/ ١٩٥.