وورد أيضا: (هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا تنقضي عجائبه... ) «١».
والقرآن العظيم لا يدرك غوره ولا تنفد درره، وهو الكتاب الذي صلحت به الدنيا، وحول مجرى التاريخ، وأقام أمة كانت مضرب الأمثال في الإيمان والإخاء والعدل
والوفاء والوفاق والوئام، وأضل العالم بلواء الأمن والسلام حقبا من الزمن، وصير أمة البداوة- أهل الكرم والشهامة- إلى سادة الحضارة، فجعلهم علماء، حكماء، قادة في الحكم والسياسة، والسلم والحرب، عقمت الدنيا أن تجود بمثلهم، هذا الجيل الذي نال تكريما نبويا: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) «٢».

- هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر، والله أعلم. ينظر: فضائل القرآن لابن كثير: ١١.
(١) من حديث يرويه الترمذي: كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل القرآن، رقم الحديث (٢٩٠٦): ٥/ ١٧٢، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه- أي من حديث حمزة الزيات عن الحارث- وإسناده مجهول، وفي حديث الحارث مقال. كذا ذكره الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن، وتعقب كلام الترمذي بما يدل على اعتماده للحديث، قال ابن كثير: لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات، بل قد رواه محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي عن الحارث الأعور على أنه وإن كان ضعيف الحديث، فلعله أن يكون من كلام أمير المؤمنين على رضي الله عنه. وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح، على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم- وهو الحديث الذي تقدم-. ينظر:
فضائل القرآن لابن كثير: ١٠.
(٢) جزء من حديث في صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، رقم الحديث (٢٥٣٣): ٤/ ١٩٦٣.


الصفحة التالية
Icon