وجاء في الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أنه قال: (قال لي النبي صلى الله عليه وسلم:
اقرأ علي، قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: نعم. فقرأت سورة النساء) «١».
المطلب الثاني: كيفية تلقي الصحابة رضي الله عنهم القرآن وحفظه
شهد الصحابة رضي الله عنهم رسول الله ﷺ وهو يوحى إليه، وحدثهم ﷺ عن بدء الوحي وأحواله، فاستبانت من خلال ذلك كله خصائص الوحي، واستقر في أفئدتهم علم اليقين بأن هذا هو وحي الله العظيم إلى نبيه الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فالصحابة رضي الله عنهم هم من قوم قد تمرنوا على الحفظ عبر مئات السنين، وكانوا يفتخرون بقوة حافظتهم، وجودة ملكتهم.
والقرآن الكريم نزل في مدة بلغت ثلاثا وعشرين سنة، وكانوا كلما نزلت آية مفردة أو آيات، حفظتها الصدور ووعتها القلوب، وكان كتاب الله في المحل الأول من عناية صحابة رسول الله ﷺ به، حيث كانوا يتنافسون في استظهاره وحفظه، ويتسابقون إلى مدارسته وتفهمه ويتفاضلون فيما بينهم على مقدار ما يحفظون منه، وربما كانت قرة عين السيدة منهم أن يكون مهرها في زواجها سورة من القرآن يعلمها إياها زوجها. وكانوا يهجرون لذة النوم وراحة الهجود إشارة للذة القيام به في الليل، والتلاوة له في الأسحار، والصلاة به

- الفتح يوم فتح مكة، رقم الحديث (٧٩٤): ١/ ٥٤٧.
(١) صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١)، رقم الحديث (٤٣٠٦): ٤/ ١٦٧٣.


الصفحة التالية
Icon