مدى قرون عديدة «١».
هناك شبه يثيرها أهل الأهواء لتوهين الثقة بالقرآن، والتشكيك في دقة جمعه، وسوف نورد أهم هذه الشبه، ونرد عليها إن شاء الله تعالى.
الشبهة الأولى وردها:
قالوا: إن في طريقة كتابة القرآن وجمعه دليلا على أنه قد سقط منه شيء لم يكتب في المصاحف التي بين أيدينا «٢».
واعتمدوا في هذه الشبهة على المزاعم الآتية:
١ - أن محمدا قال: (رحم الله فلانا لقد أذكرني كذا وكذا آية من سورة كذا).
وفي رواية: (أسقطتهن من آية كذا وكذا) وفي رواية: (كنت أنسيتها) «٣».
٢ - أن ما جاء في سورة الأعلى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ «٤»، يدل بطريق الاستثناء الواقع فيه على أن محمدا قد أسقط عمدا أو نسي آيات لم يتفق له من يذكره إياها «٥».
أما احتجاجهم الأول: فيجاب عنه: بأن تذكير الرسول ﷺ بآية أو آيات قد أنسيها أو أسقطها نسيانا لا يشكك في جمع القرآن، فإن الرواية التي جاء فيها التعبير بالإسقاط تفسرها الرواية الأخرى (أنسيتها)، وإليك الروايات بنصها من صحيح البخاري، وبيان ما قاله العلماء في مدلولها:
(٢) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٦٣.
(٣) الحديث في الصحيحين بألفاظ متقاربة، وسأذكره بنصه بعد قليل في الرد على هذه الشبهة.
(٤) سورة الأعلى، الآيات (٦، ٧)
(٥) مناهل العرفان: ١/ ٢٦٣؛ وينظر: دائرة المعارف الإسلامية لفؤاد أفرام البستاني: ٣/ ٤٨٤.