لَهُ لَحافِظُونَ (٩) «١»، وقوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) «٢».
أما المستشرق بلاشير، فحاول زرع الشكوك حول عملية جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك حين رجح أن نسخ المصحف الذي بدأ في حياته لم ينته إلا في عهد عمر، إذ كان قد بدأ قبل موت أبي بكر بخمسة عشر شهرا.
ثم تساءل- بلاشير-: (هل كان عمل هذا المصحف حلا للموقف الذي خشيه عمر؟ وأجاب قائلا: لقد كان المجتمع بحاجة إلى مجموعة مكتوبة من الوحي معترف بها من الجميع، ليطبقها الجميع، فهل كانت هذه صحف أبي بكر؟ كلا، إذ أن هذه الصحف كانت ملكا خاصا لأبي بكر وعمر بصفتهما الشخصية، لا للخليفة رئيس الجماعة، ولقد دل كل شيء على أن الخليفة الأول وصاحبه حين أحسا مغبة أن لا يكون لديهما نص كامل للوحي، كلفا أحد كتاب الوحي ممن سبق أن استخدمهم محمد في هذه الوظيفة بأن يهيئه لهما، ولنا أن نتساءل عن إمكانية أن تصدر محاولة عمر عن سبب آخر: هو الرغبة في تملك نسخة شخصية من الوحي كما كان يملكها صحابة آخرون للنبي، فإن الأمر لم يكن في ذهن أبي بكر وعمر أمر فرض مصحف إمام على جماعة المؤمنين، وإنما يبدو أنه من المستحسن ألا يكون رئيس الجماعة في وضع أقل من بعض الصحابة ممن هم أحسن حالا) «٣».
وقد تابعه في هذه الادعاءات تلميذه الدكتور مصطفى مندور، فإذا قال
(٢) سورة القيامة، الآية (١٧).
(٣) تاريخ القرآن، د. عبد الصبور شاهين: ١٠٨؛ وينظر: القرآن والمستشرقون للدكتور التهامي نقرة، ضمن كتاب مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية: ١/ ٤٠ - ٤١.