ولا سند من حقيقة الأمر وواقع الحال.
فأما ما ذكره هنري فلا يخلو من كونه إقامة دعوى بدون دليل، إذ لو كان صادقا في ادعائه لأتى بدليل ولوضع يده على بعض تلك الإضافات التي ضمت إلى القرآن، وسكت عنها العلماء المسلمون على حد زعمه، ولبين لنا أماكن تغيير تلك الجمل حتى يكون لنا موقف من مناقشته على ضوء ذلك. أما إطلاقه الكلام من غير تبيان، فيعد خلافا واضحا للمسلك العلمي الذي ينبغي اتباعه في مثل هذه الدراسات «١»، وأنه ليس هناك أي قول لأحد المسلمين بتجويز وضع كلمة ما في مصحف بدل كلمة في المصحف العثماني المنسوخ قطعا عن مصحف أبي بكر المأثور يقينا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز قراءة كلمة ما مغايرة لما في ذلك المصحف، أو إغفال حرف ما حتى ولو لم يختل المعنى.
أما ما يخص تعدد القراءات مما يسمى بالسبع أو العشر، فليس هو في صدد اختلاف في الألفاظ، أو نقص أو زيادة فيها، وإنما هو في صدد اختلاف الأداء في القراءة «٢».
أما ما جاء في ادعاء بلا شير وآرثر جفري، فيمكن تفنيد هذا الادعاء بأن مصاحف الصحابة لم تكن تختلف فيما بينها، كما لم تكن مختلفة في مجموعها مع المصحف الإمام كما زعم بلاشير وجفري اللذان يبدو أنهما استندا في إصدار حكمهما على تلك القراءات التي رويت بطرق الآحاد أو القراءات الشاذة أو القراءات التفسيرية المنسوبة إلى أصحاب تلك المصاحف، تلك القراءات التي لم تثبت قرآنيتها.
وليس أدل على هذه الحقيقة من أن القراء الذين تلقوا قراءاتهم على

(١) ينظر: المستشرقون والقرآن الكريم لمحمد بهاء الدين: ٢١٥.
(٢) ينظر: مباحث في علوم القرآن لمناع القطان: ١٧٦؛ والمستشرقون والقرآن الكريم لمحمد بهاء الدين: ٢١٥.


الصفحة التالية
Icon