على أن ممن ألف في الاحتجاج من ضعّف وردّأ وخطّأ ولحّن ووهّم وردّ بعض القراءات المتواترة، وكان أجرأهم على هذا أبو منصور الأزهري «١».
فكيف يقال عن هؤلاء: إن دافعهم للتأليف في الاحتجاج للقراءات هو الدفاع عنها؟
- وكل ما في الأمر أن كتب القراءات لما كانت كتب رواية يراعى فيها الاختصار تمكينا للطلبة من حفظها، كان أكثرها يخلو من المعاني والعلل.
فجاءت كتب الاحتجاج، وهي كتب دراية، تشرح ما اختصر فيها.
قال مكي في مقدمة كتابه (الكشف): «كنت قد ألفت بالمشرق كتابا مختصرا في القراءات السبع... وسميته (كتاب التبصرة)، وهو فيما اختلف فيه القراء السبعة المشهورون، وأضربت فيه عن الحجج والعلل ومقاييس النحو في القراءات واللغات، طلبا للتسهيل وحرصا على التخفيف؛ وو عدت في صدره أني سأؤلف كتابا في علل القراءات التي ذكرتها في ذلك الكتاب (كتاب التبصرة)، أذكر فيه حجج القراءات ووجوهها، وأسميه (كتاب الكشف عن وجوه القراءات)... » «٢»
ثم قال موازنا بين الكتابين: «فهذا الكتاب كتاب فهم وعلم ودراية، والكتاب الأول كتاب نقل ورواية.» «٣»
- ومما يشهد أن الدافع للتأليف في الاحتجاج إنما كان شرح كتب القراءات لما انطوت عليه من إيجاز، أن أكثر كتب الاحتجاج بني على كتاب في القراءات جعل متنا له:
ف (معاني القراءات) للأزهري، و (إعراب السبع) و (الحجة) لابن خالويه،
(٢) الكشف: ١/ ٣ - ٤.
(٣) الكشف: ١/ ٦.