وما أرى القول من بعد إلا معهم، والحقّ فيه إلا في أيديهم. وذلك أنني سمعت عامة عقيل تقول ذاك ولا تقف فيه، سائغا غير مستكره، حتى لسمعت الشجري يقول: أنا محموم بفتح الحاء، وليس أحد يدّعي أن في الكلام (مفعول) بفتح الفاء.
وسمعته مرة أخرى يقول- وقد قال له الطبيب: مصّ التفاح وارم بثفله «١» - والله لقد كنت أبغي مصّه وعليته تغذو «٢» بفتح الغين، ولا أحد يدّعي أن في الكلام (يفعل) بفتح الفاء.
وسمعت جماعة منهم- وقد قيل لهم: قد أقيمت لكم أنزالكم من الخبز- قالوا: فاللّحم؟ يريدون اللّحم، بفتح الحاء.
وسمعت بعضهم وهو يقول في كلامه: ساروا نحوه بفتح الحاء، ولو كانت الحاء مبنية على الفتح أصلا لما صحّت اللام لتحركها وانفتاح ما قبلها... » «٣»
وقد تفرّد ابن جني من بين أصحاب الاحتجاج برواية كلام العرب سماعا.
هـ- الأمثال:
- نحو قول ابن أبي مريم: «وَمَحْيايَ [الأنعام ١٦٢] بإسكان الياء مرسلا، قرأها نافع وحده، وهو شاذّ من وجهين:
أحدهما: من حيث القياس، لأن فيه التقاء الساكنين على غير حدّه في كلامهم، والقياس يردّه.
والثاني: من حيث الاستعمال، وذلك أنه لم يسمع في كلامهم لا في نظم
(٢) غذا الشيء: سال أو أسرع، كأنه يريد أن ثفل التفاح يسبقه فيزدرده.
(٣) المحتسب: ١/ ٨٤ - ٨٥.