- تعليقات: ١ - أراد سيبويه بالنّفس: هواء الزفير، وبالصوت: ما تحسّ به الأذن من عمل أعضاء النطق، وبالاعتماد: ما تبذله تلك الأعضاء من جهد في إنتاج الصوت، وإشباع الاعتماد قوته، لمقابلته بالإضعاف.
ويؤخذ من قوله: (الحلق والفم) و (الفم والخياشيم) أن موضع الاعتماد لا يقتصر عنده على مخرج الحرف، بل هو أعمّ منه، لهذا قال: «فالمجهورة حرف أشبع الاعتماد في موضعه»، ولم يقل: في مخرجه.
على أنه إن صحّ هذا التفسير للاعتماد عند سيبويه، فسيكون كلامه فيه قلبا للحقيقة وما عليه واقع الأمر. فقد مرّ بنا من قبل أن الأصوات المهموسة أكثر كلفة على أعضاء النطق من الأصوات المجهورة، لا العكس.
ويبدو أن الذي كان من وراء سبق هذا الوهم إلى سيبويه واللغويين من بعده هو أن الأصوات المجهورة أوضح في السمع من الأصوات المهموسة، وهم قد عرفوا هذا «١»، فحسبوا أن قوة الصوت في المجهورات ناتجة عن فضل جهد في نطقها لا يكون في المهموسات، فذهبوا إلى ما ذهبوا إليه.
٢ - كان اعتماد سيبويه في تمييز الأصوات مجهورها ومهموسها على أمرين اثنين: الأول الاعتماد، والآخر النّفس.
فإذا أشبع الاعتماد حتى انقطع جري النفس كان الصوت مجهورا، وإذا أضعف الاعتماد حتى جرى النفس كان الصوت مهموسا.
وليس مراده بانقطاع جري النفس نفي جريه بالكلية، بل انقطاع جري النفس الكثير كما يجري مع المهموس. فإن الصوت لا يتحقق بلا نفس معه، سواء أكان مجهورا أم مهموسا «٢».

(١) انظر ص ٦٨ من هذا البحث.
(٢) انظر جهد المقلّ: ١٤٦.


الصفحة التالية
Icon