٣ - قول سيبويه: «فإذا أردت إجراء الحروف، فأنت ترفع صوتك إن شئت بحروف اللين والمدّ، أو بما فيها منها، وإن شئت أخفيت» أراد به أن يبيّن طريقة اختبار الجهر والهمس في الأصوات، وهي تكرير الصوت مع جري النفس مدعوما بحروف اللين والمدّ، أو بما فيها منها وهي الحركات، لأنها بعض حروف المد، أو بالإخفاء وهو التسكين. فإذا استقام ذلك كان الصوت مهموسا، وإلا فهو مجهور.
قال ابن جني: «وأما المهموس، فحرف أضعف الاعتماد في موضعه حتى جرى معه النفس. وأنت تعتبر ذلك بأنه قد يمكنك تكرير الحرف مع جري الصوت «١»، نحو: سسسس، كككك، هههه. ولو تكلفت مثل ذلك في المجهور لما أمكنك.» «٢»
وعجيب تفسير د. إبراهيم أنيس الإخفاء هنا بالإهماس، قال:
«والذي لم يكن يعرفه سيبويه هو أن الإخفاء معناه إسكات الذبذبات التي تحدث مع كل مجهور في الوترين الصوتيين بالحنجرة.» «٣»
٤ - ولو ذهبنا نقارن الأصوات المجهورة عند القدامى بما عند المحدثين منها، رأينا أن الأولين قد سلكوا فيها الهمزة والقاف والطاء، وهي عند الآخرين مهموسة؛ وذلك أمر اختلف القوم في تفسيره على أربعة أقوال:
الأول: أن معنى الجهر والهمس عند القدامى مباين لمعناهما عند المحدثين «٤».

(١) كذا، ولعل الصواب: مع جري النفس.
(٢) سر الصناعة: ١/ ٦٠.
(٣) الأصوات اللغوية: ١٢١.
(٤) انظر دروس في علم أصوات العربية: ٣٤ - ٣٥.


الصفحة التالية
Icon