ولعل وضوح استدارة الشفتين مع الواو هو الذي جعل القدماء ينسبون مخرج الواو إلى الشفتين.» «١»
ويزيد هذا القول فهمنا لقوة العلاقة بين الواو والياء، وأنها ليست لاتحادهما في صفة اللين فقط، وإنما لتقاربهما في المخرج أيضا.
د- وقع بين القدماء والمحدثين في ترتيب مخارج أصوات العربية فروق يحسن الوقف عندها، وأهمها:
- أن المحدثين قدّموا القاف على الغين والخاء، اللذين جعلوهما مع الكاف من مخرج واحد.
- وجعلوا اللام والنون والراء من مخرج واحد.
- وجعلوا الطاء والدال والتاء، والصاد والزاي والسين من مخرج واحد، وألحقوا به الضاد «٢».
ولا شك في أن معارف القدامى التشريحية ووسائلهم في الاختبار ليست شيئا إذا قيست بما لدى المحدثين منها، غير أن تحديد المخارج عند القدامى لم يقم فقط على رصد الأعضاء التي تعترض مجرى الصوت عند النطق بالحروف، وإنما قام أيضا على رصد سلوكها في ظواهر اللغة، ولا سيما الإدغام، وهذا أمر لم يلتفت إليه المحدثون على خطورته. وهو ما يفسّر لنا ارتباط الحديث عن (مخارج الحروف وصفاتها) بالحديث عن (الإدغام) عند سيبويه «٣» ومن جاء
د. محمود السعران، منشورات جامعة حلب، ١٩٩٤ م، ص ١٨٠.
(٢) انظر علم اللغة العام: ٩٤ - ٩٨، ومحاضرات في اللغة: ١٢٨ - ١٢٩، ومناهج البحث في اللغة: ١١١ - ١١٢، ومبادئ اللسانيات: د. أحمد قدور، دار الفكر، دمشق، ط ٢، ١٩٩٩ م، ص ٧٢ - ٧٣.
(٣) انظر الكتاب: ٤/ ٤٣١ - ٤٣٦.