والهمزة أمّ هذا الباب، لأن الوقف عليها يكون بانطباق الطيتين الصوتيتين، فلا يحدث بعد ذلك تسرّب للهواء يسمع معه صوت.
وأما الوقف على حروف المدّ واللين، فيكون بانقطاع آخر الصوت في موضع الهمزة «١»، أي بانطباق الطيتين الصوتيتين انطباقا محكما كما في نطق الهمزة.
- وقال ابن أبي مريم: «وامتحان حروف القلقلة أن تقف عليها، فإذا وقفت خرج منها صويت مثل النفخ، لنتوها في اللها واللسان.» «٢»
ومردّ اختيار الوقف لامتحان حروف القلقلة أن الصويت الذي يلحق الحروف المشربة، وحروف القلقلة منها، تختلف مراتبه في الحركة والسكون المدرج والوقف، وأتمّها موقوفا عليه. قال ابن جني: «فأقوى أحوال ذلك الصوت عندك أن تقف عليه، فتقول: اص. فإن أنت أدرجته انتقصته بعضه، فقلت: اصبر. فإن أنت حرّكته اخترمت الصوت البتة، وذلك قولك: صبر.
فحركة ذلك الحرف تسلبه ذلك الصوت البتة، والوقوف عليه يمكّنه فيه، وإدراج الساكن يبقّي عليه بعضه.»
«٣»
وقال من قبل: «وسبب ذلك عندي أنك إذا وقفت عليه ولم تتطاول إلى النطق بحرف آخر من بعده تلبثت عليه، ولم تسرع الانتقال عنه، فقدرت بتلك اللّبثة على إتباع ذلك الصوت إياه.
فأما إذا تأهبت للنطق بما بعده وتهيأت له، ونشّمت «٤»
فيه، فقد حال ذلك بينك وبين الوقفة التي يتمكن فيها من إشباع ذلك الصويت، فيستهلك إدراجك إياه طرفا من الصوت الذي كان الوقف يقرّه عليه ويسوّغك إمدادك إياه به.» «٥»

(١) انظر الكتاب: ٤/ ١٧٦.
(٢) الموضح: ١/ ١٧٧.
(٣) الخصائص: ١/ ٥٨.
(٤) نشّم في الأمر: ابتدأ فيه وأخذ.
(٥) الخصائص: ١/ ٥٧ - ٥٨.


الصفحة التالية
Icon