ما سمّي القلب إلا من تقلّبه والرأي يصرف والإنسان أطوار والغشاوة: الغطاء الشامل» «١»
وقد عقد السبكي في ترجمته للماوردي فصلا مقتضبا حول تفسيره، نقل فيه عن ابن الصلاح قوله: «هذا الماوردي عفا الله عنه يتهم بالاعتزال، وقد كنت لا أتحقق ذلك عليه وأتأول له وأعتذر عنه، في كونه يورد في تفسيره في الآيات التي يختلف فيها أهل التفسير، تفسير أهل السنة وتفسير المعتزلة غير متعرض لبيان ما هو الحق منها، وأقول: لعل قصيده إيراد كلّ ما قيل من حق أو باطل، ولهذا يورد من أقوال المشبهة أشياء مثل هذا الإيراد!! حتى وجدته يختار في بعض المواضع قول المعتزلة وما بنوه على أصولهم الفاسدة ومن ذلك مصيره في «الأعراف» إلى أن الله لا يشاء عبادة الأوثان. وقال في قوله تعالى: (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ) - الأنعام ١١٢ - وجهان في «جعلنا» أحدهما معناه حكمنا بأنهم أعداء، والثاني: تركناهم على العداوة فلم نمنعهم منها» «٢»
ثم حمل على تفسيره حملة شديدة فقال: «وتفسيره عظيم الضرر لكونه مشحونا بتأويلات أهل الباطل تلبيسا وتدسيسا على وجه لا يفطن له غير أهل العلم والتحقيق، مع أنه تأليف رجل لا يتظاهر بالانتساب إلى المعتزلة!! بل يجتهد في كتمان موافقهم فيما هو لهم فيه موافق» «٣» وختم

(١) ورقة: ١٠.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى ٣/ ٣٠٤.
(٣) المصدر السابق: ٣/ ٣٠٤ - ٣٠٥.


الصفحة التالية
Icon