ولعل من غير المبالغ فيه أن نقول إنه يكاد يكون قد احتوى خلاصة وافية لتفسير الطبري، الذي عنى كما نعلم، بلم شعث التفسير بالمأثور من جميع الروايات والطرق، وأثبته بإسناده إلى أصحابه، وإن كان صاحبنا الحاكم لم يسند من الآراء- فيما وراء أسباب النزول غالبا- إلا ما لا يذكر، كما أنه لم يعرض لذكر الطبري، فيما ينقله الطبري أو يراه، إلا في مواضع قليلة من الكتاب يقع أكثرها في سور القرآن الأولى «١».
١ - عمده من هذه المصادر:
وجل نقله في مجال التفسير بالمأثور عن أربعة، هم: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والحسن البصري، وتكاد نقوله عنهم تضارع نقوله عن شيوخ الاعتزال، وإن كان الحاكم والقاضي وغيرهما من المعتزلة يذهبون إلى عد هؤلاء المفسرين الأربعة مع القائلين بالعدل والتوحيد، ويسلكونهم في طبقات المعتزلة:
أ- أما ابن عباس فتفسيره مشهور، ومكانته في التأويل والتفسير معروفة، وقد عده القاضي في الطبقة الأولى من طبقات المعتزلة، وقال فيه إنه «كان يذهب إلى التوحيد والعدل» وإن مناظراته مع مجبرة الشام مشهورة «٢» ويكاد الحاكم ألا يصحح من رواياته إلا ما يوافق مذهب أهل العدل، فقد ذكر أنه روي عنه وعن محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ
(٢) انظر شرح عيون المسائل ١/ ورقة ٧٠.