قال الحاكم في تفسير قوله تعالى: (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً... ) «١»: «قيل: هي جنة الخلد، عن جماعة من المفسرين، وهو قول الحسن وواصل وعمرو وأبي علي. وقيل هي جنة من جنان السماء غير جنة الخلد لأن جنة الخلد أكلها دائم ولا تكليف فيها، عن أبي هاشم. وقيل: جنة من جنان الدنيا في الأرض، وقوله (اهبطوا) لا يقتضي أن تكون في السماء، كقوله (اهبطوا مصرا) عن أبي مسلم، وليس بالوجه لظهور الأمر أنه كان في السماء، ولقوله (اهبطوا)، وما ذكر مجاز فلا يقاس عليه غيره» «٢»
فلم يزد في النقل عن أبي مسلم على ذكر قوله إن الجنة كانت في الأرض، وإن قوله (اهبطوا) لا يقتضي نقيضه، ثم رد عليه ذلك، في حين أن الرازي ينقل أبي مسلم في التدليل على ما ذهب إليه كلاما طويلا نثبته فيما يلي:
قال: «تأويل الآية: هذه الجنة كانت في الأرض، والإهباط:
الانتقال من بقعة إلى بقعة كما في قوله تعالى (اهْبِطُوا مِصْراً) واحتج عليه بوجوه: أحدها: أن هذه الجنة لو كانت هي دار الثواب لكانت جنة الخلد، ولو كان آدم في جنة الخلد لما لحقه الغرور من إبليس بقوله:
(هل أدلّك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) ولما صح قوله:

(١) الآية ٣٥ من سورة البقرة.
(٢) التهذيب، المجلد الأول، ورقة ٦٠/ ظ.


الصفحة التالية
Icon