ضرورة علم المفسر لكتاب الله باللغة والنحو وأصول الفقه، فقال: «ولن يكون- أي المفسر- عالما بهذه الأحوال إلا وهو عالم بتوحيد الله وعدله وما يجب له من الصفات وما يصح وما يستحيل، وما يحسن منه فعله وما لا يحسن» «١».
ومن هنا جاء نعي الحاكم على الذين يقدمون على تفسير كتاب الله تعالى من غير معرفة عندهم بصفاته وعدله، ومن غير تحصيلهم علم الكلام الذي عده بمثابة الأصل، فقال فيهم «إنهم اشتغلوا بالفرع من غير إحكام الأصل فكانوا كالقابضين على الماء» وإنهم «قنعوا بالاسم وطلبوا الرئاسة ورضوا بأن يكونوا متبوعين» وقد حكم على عملهم هذا بأنه ضرب من المحال! في حين جعل المرجع في التفسير إلى قومه من المعتزلة، ووصفهم بأنهم «في الحقيقة الفقهاء المفسرون» «٢» وأشار إليهم ببراعة في آخر صفحة في تفسيره فقال: «وأسأل كل من نظر في كتابي هذا من إخواني من أهل العدل والتوحيد إصلاح ما يجدونه فيه من غلط، فالعبد لا يخلو منه، وأوصيهم بالدعاء والاستغفار لمصنفه وتقديم ما ينفعه، فالأخوة في الدين فوق الأخوة في النسب» «٣» فكأنه بذلك لم يعتد بتخطئة من يخطئه من غيرهم ممن يتهمه بأنه يضيع الأصل ويصرف عنايته إلى الفرع!
بل إن الحاكم ليرى في هذا المنهج الذي يقدّم فيه القول بالتوحيد
(٢) شرح العيون ١/ ٥٧.
(٣) التهذيب، المجلد الأخير، ورقة ١٦١/ و.