صنع العالم لا يجوز كونه بالطباع، ولا من تأثير النجوم، ولا من تأثير شيء من الأشياء.
كما أجمعوا في «التوحيد» - كما ينص الحاكم- على أنه تعالى «واحد في صفاته التي لا يشاركه فيها غيره، نحو كونه قديما قادرا عالما حيا غنيا» قال: وبالقدم باين المحدثات من الأجسام والأعراض، وبكونه قادرا لذاته، باين سائر القادرين العالمين الأحياء- وأجمعوا على أنه تعالى «لا نظير له ولا شبيه، وليس بجسم ولا عرض، ولا يجوز عليه المكان والحركة والسكون والجوارح والأعضاء» - قال: وبهذه الجملة باينوا الثنوية والنصارى والمشبهة والصفاتية «١».
وقد عرّف القاضي «التوحيد» بقوله: «العلم بأن الله تعالى واحد لا يشاركه غيره فيما يستحق من الصفات نفيا وإثباتا، على الحد الذي يستحقه، والإقرار به» «٢».
وذهب الحاكم في دعواه إجماع المعتزلة على تفسيره السابق للتوحيد- الذي يمكن اعتباره شرحا لتعريف القاضي- إلى نفي أن يكون رأى ثمامة في المتولد، ومعمر في الطباع، وقول البغدادية- في الصفات- «إنه ليس بسميع ولا بصير» ينقضه أو ينقصه، على الرغم من رده الدائب- في تفسيره- على البغدادية في مسألة السمع والبصر، قال في قوله تعالى:
(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى) «٣» إنه يدل على أنه تعالى «يرى الأشياء،

(١) انظر شرح عيون المسائل، المجلد ١/ ورقة ٦٧ - ٦٨.
(٢) شرح الأصول الخمسة ص ١٢٨.
(٣) الآية ١٤ سورة العلق، التهذيب ورقة ١٥١/ و.


الصفحة التالية
Icon