وافاني بما أريده منها بعض علماء اليمن الأفاضل، كما أشرت إلى ذلك في موضعه من هذه الرسالة.
٥ - وقد سلكت في هذه الدراسة سبيل البحث العلمي المتجرد عن التعصب للحاكم، فأوردت من آرائه ما وقفت عليه مشفوعا ببعض الشواهد- التي كنت أرجو أن أجتزئ منها في بعض المواطن لو كان تفسير الحاكم بين يدى القارئ- وإن كان هذا لم يمنعني من بعض التعقيبات والتعليقات الموجزة.
كما أنني لم أتعصب للمعتزلة وآرائهم، أو أتعصب عليهم، ولم أذكر شيئا من آرائهم مشفوعا بمحاولة التحسين أو التقبيح، على الرغم من أن الصورة التي يحملها أكثرنا للمعتزلة لا تزال سوداء أو كالسوداء، وقد تراءت هذه الصورة في نفسى في مواطن قليلة من تفسير الحاكم، ولكن هذا لم يمنعني من الإعجاب بهذا التفسير، والدعوة إلى الإفادة منه ومن سائر تراث المعتزلة في التفسير وعلم الكلام وأصول الفقه، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الإفادة من منهج المعتزلة العقلي- ومن سائر المناهج الكلامية الأخرى- في الدفاع عن الإسلام وشرح حقائقه أمام مناوئيه ومخالفيه من أتباعه والغرباء على حد سواء!
وليس في تاريخ الإسلام فرقة واحدة تستطيع أن تزعم لنفسها حقّ فهم العقيدة الإسلامية على الوجه الأكمل حتى يكون كلّ من خالفها في شيء ضالا ومبتدعا أو من أهل الزيغ والأهواء! ولا تخلو فرقة واحدة من الغلو في جانب، والتفريط في جانب آخر. وليست مهمتنا اليوم: الانتصار لفرقة على أخرى، أو تعميق الخلاف بين هذه الفرق،