وأنه لا يريد القبيح ولا يرضاه، وأن أفعال العباد حادثة من جهتهم، وأنه يكلف العباد لنفعهم لأنه عرّضهم للثواب، وأنه أزاح عللهم بإعطاء الآلة والقدرة قبل الفعل، وأنه لا يكلف العباد ما لا يطيقون، وأنه يثيب من أطاعه ويعذب من عصاه- ولا يعذب من غير ذنب- وأن القرآن كلامه، وهو المتلو السور والآيات بلغة العرب، وأنه محدث غير قديم «١».
ولقد تفرع على هذين الأصلين الكبيرين اللذين أصبحا عنوانا على مذهب المعتزلة- أو على أحدهما- سائر أصولهم الخمس المعروفة، وهي:
«الوعد والوعيد» و «المنزلة بين المنزلتين» و «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وقد قال بعضهم إن الذي حملهم على هذا التفصيل، على الرغم من دخول هذه الأصول الثلاثة في باب «العدل»، هو «ظهور الخلاف بين الناس في كل واحد من هذه الأصول» «٢» وإن كانت مسألة «المنزلة بين المنزلتين» في الواقع هي أول المسائل ظهورا، ومن أكثرها أهمية كذلك.
ونعرض فيما يلي لرأي الحاكم في هذه الأصول الثلاثة، مشفوعة ببعض الأمثلة والشواهد القرآنية التي استدل بها على صحة مذهبه في هذه الأصول، أما شواهده التي لا
تكاد تحصى على صحة مذهبه في «العدل والتوحيد» فسوف تعرض عند الكلام على محوره في تفسيره في الفقرة التالية، لأن العدل والتوحيد- بحدهما السابق- وإن كانا يشكلان القاعدة الفكرية.
(٢) انظر شرح الأصول، ص ١٢٣.