العامة للحاكم، إلا أنه أقام من خصومته مع المجبرة- كما سنرى- الذين ناقضوا العدل والتوحيد، محور تفسيره الكبير، والآيات الدالة عنده على العدل والتوحيد هي بعينها الدالة على نقض الجبر والتشبيه، ولهذا آثرنا عرض هذه الآيات بالتفصيل من الوجهة الأخرى من خلال الكلام على نقضه على المجبرة، ومن خلال أمور أخرى رأينا أنها تشكل محور تفسيره، وربما تفكيره كذلك.
على أنه كان يستدل على هذين الأصلين في مواطن أخرى ظاهرة، وإن كان لا يزيد في استدلاله هذا على كلماته السابقة التي قدمها في شرحهما، قال في قوله تعالى: (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) «١» إن هذه الآيات تدل على صانع حكيم، قال: «ووجه الدلالة من وجهين: أحدهما:
ما يختلف من الأحوال ويتجدد ولا يقدر عليها الواحد منا، فلا بد من صانع حكيم، والثاني: أن هذه الأشياء محدثة لأنه لا تخلو من المحدثات وما يتقدمها، وإذا كان محدثا فلا بد له من محدث قادر عالم حي سميع بصير قديم، ليس بجسم ولا عرض، ولا يشبهه شيء، ولا يجوز عليه ما يختص الجسم كالجوارح والأعضاء، ولا يدرك بشيء من الحواس، وأنه واحد ليس معه قديم. وأنه حكيم لا يفعل إلا الحسن، ولا يفعل القبيح،