فيعلم أن القبيح فعل غيره، وإذا كلّف فلا بد أن يجازي، وإذا علم أن الشريعة لطف فلا بد أن يبين. فأفعاله بما ذكر تدل على جميع صفاته إما بنفسه أو بواسطة، وتفصيل ذلك يطول، وهو مذكور في كتب المشايخ».
خلق القرآن:
ولعل المسألة الوحيدة من مسائل العدل التي نأى بها عن جو المناقشة والجدل- ولم يكثر من الوقوف عندها- والتي يحسن تقديمها هنا قبل أن نورد آراءه في الأصول الثلاثة الأخرى السابقة، هي مسألة خلق القرآن:
قال في قوله تعالى: (حم، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) «١»:
يدل قوله «تنزيل» على حدوث القرآن من وجهين: أحدهما: أن الإنزال على القديم لا يجوز. والثاني: أن قوله «من الله» يقتضي الفعلية، كقولهم:
الإحسان والنعم منه.
وقال في قوله تعالى: (حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، بَشِيراً وَنَذِيراً) «٢» إنه يدل على حدوث القرآن من حيث وصفه بأنه «فصلت» وبالآيات، وبالقرآن، وبأنه عربي، وبأنه بشير ونذير، قال: «وكل ذلك دلالة على حدوثه».
واستدل على ذلك أيضا بقوله تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ
(٢) الآيات ١ - ٤ سورة فصلت، ورقة ٢٤/ ظ.