«تدل الآية أن في الذنوب صغائر وكبائر، ولولا السمع لجوزنا أن تكون كلها كبائر إلا ذنوب الأنبياء، فالكبائر لا تجوز عليهم. وتدل على أن الصغائر تصير مكفّرة عند اجتناب الكبائر. وتدل على أنه إذا لم يجتنب الكبائر يعاقب عليها، فلهذا قلنا: الكافر والفاسق يعاقب على جميع ذنوبهم».
وقال في قوله تعالى: (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى، الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) «١»:
«والصحيح عندنا أن الكبير ما يزيد عقابه على ثواب صاحبه، كالقتل والزنا ونحو ذلك. وقيل: ما لا يكفره إلا التوبة. والفواحش: كل قبيح فاحشة، وهو الوجه» وعرف الصغير بأنه ما يصغر عقابه عن ثواب صاحبه، وقال إن الذي عليه مشايخه في تفسير «اللمم» إنه الصغائر من الذنوب عمدا أو سهوا، وان هذه الآية نظير الآية السابقة، قال: وهو قول أبي علي وأبي مسلم والقاضي.
وذكر أن قوله تعالى: (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) «٢» يدل على أن في الذنوب صغيرا وكبيرا، وأن جميع ذلك مكتوب محفوظ للجزاء، خلاف ما قاله قوم إن الصغائر لا تثبت. قال الحاكم: «ومتى قيل: أليس الصغائر مغفورة؟ قلنا: لا صغير للكافر والفاسق- لأن استحقاق الثواب مرهون باجتناب الكبائر «٣» - وانما الصغائر للمؤمن، فتثبت للموازنة».
(٢) الآية ٥٣ سورة القمر، ورقة ٧٨/ و.
(٣) انظر ورقة ٣٥/ ومن التهذيب الجزء السابق.