(وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ، حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ... ) إلى قوله: (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) «١» قال: «وتدل الآيات أن القوم كانوا جاهلين بالله وصفاته، ولولا ذلك لما ظنوا به هذا الظن، فتدل على أن المعارف مكتسبة».
ثم قال: «ومتى قيل: أليس قد روي في حسن الظن بالله؟ قلنا: ذلك ينبني على العلم، فإن من علمه رحيما كريما ظن لعله يرحمه».
٢ - الرد على المجبرة
أما المحور الآخر لتفسير الحاكم- وهو المحور الأهم- فهو نقضه على المجبرة، ورده الدائب عليهم، وتصديه لخصومتهم في كل ما يذهبون اليه في «المحلوق والاستطاعة والإرادة» وسائر آرائهم، حتى ليخيل للقارئ أن هذ التفسير يكاد يكون وقفا على إثبات فساد مذهب لجبر ومناقضته للقرآن! في الوقت الذي لم ينس فيه مؤلفه الرد على الفرق الأخرى، لكن موقفه من هذه الفرق ليس فيه ما يستحق الإشارة الخاصة أو الوقوف الطويل.
ولعل هذا هو ما تنبه اليه من قبل يحيى بن حميد- من أعلام الزيدية في القرن السادس- حين قال في تفسير الحاكم: «وقد أودع فيه الحجج الواضحة الباهرة في الرد على الفئة المجبرة وغيرها من سائر الفرق الكفرية!» «٢».
ونستطيع أن ندرك مدى أهمية هذا المحور وخطورته بالنسبة للحاكم، إذا لاحظنا أنه يرى أن مذهب الجبر هو المذهب المقابل لمذهب العدل على

(١) أنظر الآيات ١٩ - ٢٣ سورة فصلت. التهذيب ورقة ٢٦.
(٢) نزهة الأنظار- مخطوط- ورقة ٢١.


الصفحة التالية
Icon