ولا حجة» أما على مذهب المجبرة فله أعظم الحجة «١».
وقال تعالى: (وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ) «٢» فدلت الآية على أنهم يتمنون الرجوع الى الدنيا وقت معاينة العذاب ليطيعوا، قال الحاكم: «ولو كانت أفعال العباد من خلق الله تعالى لما صح هذا التمني، وكذلك لو لم يقدروا عليه. فيبطل قول المجبرة في المخلوق والاستطاعة».
وقال تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) «٣» قال الحاكم: «ويدل قوله (فأصدق) على أشياء منها أن الفعل فعلهم لأنه لو كان خلقا لله تعالى لما كان لسؤالهم الرجوع ليتصدقوا معنى. ومنها: أنهم يقدرون على ذلك، ولولا ذلك لتمنوا القدرة، وكيف يسألون الرجعة ليفعلوا ما فرّطوا وليس اليهم شيء من ذلك، ولا قدروا عليه؟».
وقريب من هذه الآيات: تلك التي تنعى على الكفار إعراضهم عن التذكر، وتعجب من عدم إيمانهم مع ارتفاع الموانع، فقوله تعالى:
(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) «٤» يدل- مما يدل عليه- على أن الإعراض فعلهم ولذلك ذمهم عليه، وعلى أنهم قادرون على التدبر، قال
(٢) الآية ٤٤ سورة الشورى: التهذيب ورقة ٣٥/ ظ.
(٣) الآية ١٠ سورة المنافقين: التهذيب ورقة ١٠١/ ظ.
(٤) الآية ٤٩ سورة المدثر: التهذيب ورقة ١٢١/ و.