ثانيا: الحالة الدينية
وفي ظل هذه الأحداث السياسية المضطربة لم يكف أصحاب المذاهب والفرق عن المنازعة والجدل، بل إن هذه الأحداث زادت من حدّة هذا النزاع، ونقلته إلى حد التصادم والفتن الدامية التي لم يكد يخلو منها عام واحد من أعوام هذا القرن، وقد كان لتدخل «السلاطين» الجدد- أو الكثر المتجددين- أثره الكبير في هذا التصادم بعد أن مضى
عهد الخلافة المذهبية الواحدة- كما يمكن أن يسمّى- التي كان السلطان فيها للخليفة الذي لم يكن الخارجون عليه بقادرين على إحداث مثل هذه الفتن التي نشهدها في هذا القرن، أو بعد أن دخل العالم الإسلامي في القرن الرابع في عصر الحكم الشيعي «١»، وأصبح لكلّ صاحب مذهب سند من حكم قائم يحميه، أو ذاهب قد مكّن له.
وبالرغم من هذا الاشتهار والتمكن الذي أصابت منه أغلب الفرق، وبالرغم من تأثر معظمها بالفلسفة «٢» إلا أننا نقتصر في هذا التمهيد على
وكان الحكم في أغلب هذه الأقاليم لهم كالفاطميين وبني بويه وغيرهم. انظر الخطط ٢/ ٣٥٧.
(٢) يقول المقريزي: «واشتهرت مذاهب الفرق من القدرية والجهمية والمعتزلة والكرامية والخوارج والروافض والقرامطة والباطنية حتى ملأت الأرض! وما منهم إلا من نظر في الفلسفة وسلك من طرقها ما وقع عليها اختياره».
الخطط ٢/ ٣٥٧.