«الأحكام» - أو دلالات الآية كما سماها هنا بدقة- و «الفقه»، وحتى لا نستعرض مسائل فقهية ليس محلها هنا:
قال: «أما الأول، فتدل على اختصاص يوم الجمعة بصلاة وذكر.
وتدل على أن للجمعة نداء وهو أذان، وليس في الكتاب ذكر الأذان إلا هاهنا، وفي قوله: (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ). وتدل على وجوب السعي، والأقرب أنه يجب عند النداء لأنه عقبه به. وتدل على وجوب الجمعة لأن وجوب السعي إليها وتحريم المبايعة لأجلها يدل على وجوبها. وتدل على أن الخطاب للأحرار لأن العبد لا يملك البيع. وتدل على أنه خطاب للرجال لأن (آمنوا) حقيقة فيهم. وتدل على اختصاص الجمعة بمكان، لذلك أوجب السعي اليه. وتدل على ذكر يجب السعي إليه. وتدل على اختصاصه بوقت حيث ينادى فيه. وتدل على تحريم البيع، واختلفوا فالأكثر على أنه يكره وينعقد، وقيل لا ينعقد. وهو قول الحسن ومالك.
«ويدل قوله (وَابْتَغُوا)، على جواز الكسب خلاف ما يقوله بعضهم.
«ويدل قوله (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أنه أراد من جميعهم الفلاح، ويدل على أن الفلاح يدرك بهذه الطاعات.
«واستدل بعضهم بقوله (فَانْتَشِرُوا) على إباحة السفر بعد الصلاة، فيدل على تحريمه قبلها، حتى زعموا أنه لا يجوز بعد طلوع الفجر يوم الجمعة أن يسافر، والظاهر لا يدل عليه، وهو مذهب الأكثر.
«وتدل على أن السعي والبيع فعلهم، وكذلك الانتشار والابتغاء، لذلك علق به الأمر والنهي، وكيف يكون جميع ذلك خلقا له وهو يدعو