أ) من الشواهد التي نكتفي فيها بالاحالة على ما تقدم:
١) قوله تعالى: (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى. لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى.. ) «١» قال الزمخشري: «فإن قلت: كيف قال (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) وقد علم أن كل شقي يصلاها وكل تقي يجنبها لا يختص بالصلى أشقى الاشقياء، ولا بالنجاة أتقى الاتقياء. وان زعمت أنه نكر النار فأراد نارا بعينها مخصوصة بالاشقى، فما تصنع بقوله (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) فقد علم أن أفسق المسلمين يجنب تلك النار المخصوصة، لا الأتقى منهم خاصة؟ قلت:
الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين، فقيل: الاشقى، وجعل مختصا بالصلى كأن النار لم تخلق إلا له! وقيل: الاتقى، وجعل مختصا بالنجاة، كأن الجنة لم تخلق إلا له. وقيل: هما أبو جهل أو أمية بن خلف، وأبو بكر رضي الله عنه». «٢»
٢) قوله تعالى: (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ. وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) «٣».
قال الزمخشري: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) يعني: خلقكم وخلق ما تعملونه من الاصنام كقوله: (بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ) أي: فطر الاصنام!.
(٢) الكشاف ٤/ ٦٠٨ - ٦٠٩.
(٣) انظر فيما تقدم ص ٢٩٦.