الثاني من هذا القرن بفضل النهضة الثقافية الشاملة التي أحدثتها المدارس الكثيرة، كما أن عناية البويهيين بالكتب والتأليف كانت كبيرة أيضا في النصف الأول، وإن مما يستبعد أن تذهب عناية الصاحب بالكتب وتشجيعه للعلماء على الكتابة ويمحي أثرها في دولة بني بويه بمثل هذه السرعة أو البساطة، فدار الكتب التي أنشأها وزير «بهاء الدولة» ببغداد سنة ٣٨١ وجعل فيها أكثر من عشرة آلاف مجلد معظمها بخط أصحابها، أو من الكتب التي كان يملكها رجال مشهورون، بقيت إلى سنة ٤٥٠ حين احترقت بعد مجيء طغرلبك إلى بغداد «١» ودور الكتب الأخرى برامهرمز والبصرة وغيرها بقيت تؤدي دورها إلى عصور لاحقة «٢» وكان للشريف المرتضى دار سماها دار العلم فتحها لطلبة العلم «وعين لهم جميع ما يحتاجون إليه»، وقد اعتذر الصاحب بن عباد عن استدعاء الملك نوح بن منصور الساماني- آخر السامانيين- له ليوليه وزارته،
الحضارة الإسلامية في القرن الرابع ١/ ٣١١ - ٣١٢.
(٢) انظر أحسن التقاسيم للمقدسي صفحة ٤١٣ وقال إن الذي اتخذ دارى البصرة ورامهرمز ابن سوار، وإن فيهما إجراء على من قصدهما ولزم القراءة والنسخ، وقال عن دار رامهرمز إن فيها «أبدا شيخ يدرس الكلام على مذاهب المعتزلة». نفس الصفحة.