بأن عنده من كتب العلم خاصة ما يحمل على أربعمائة جمل أو أكثر «١» كما أن رعاية الصاحب للمعتزلة آتت أكلها، أو استمرت في ذلك العطاء، بعد أن تفرق تلامذة القاضي عبد الجبار- الذي حبا عصر الصاحب بخلاصة الفكر الاعتزالي- في الأقطار يدرّسون ويؤلفون، والذين تتلمذ على بعضهم مؤلفنا الحاكم الجشمي رحمه الله.
وقد شهد هذا القرن نهضة أدبية كبيرة على أيدي اللغويين والشراح، كما شهد حركة كبيرة في التأليف في علم الكلام، وبخاصة في الملل والنحل بحيث يمكن اعتباره أزهى عصور التأليف في هذا النوع من فروع الدراسات المقارنة. ونكتفي هنا بالإشارة إلى أهم المؤلفات التي كتبت في التفسير وعلم الكلام، وإلى ميزاتها الرئيسية أو المشتركة، في حين ندع الحديث عن تفاسير المعتزلة قبل الحاكم إلى موضعه من هذا البحث.
١ - التفسير
: وأول ما يلاحظ على مؤلفات التفسير وعلوم القرآن- بعامة- في هذا القرن هو التنوع والكثرة، وبالرغم من أنه قد وصلنا منها عدد وافر إلا أن تفسيرا واحدا منها- وبخاصة المطولات- لم يظفر بنشر أو تحقيق «٢» وبقيت الهوة شاسعة بين الطبري المتوفى سنة ٣١٠ والرازي المتوفى سنة ٦٠٦، وحتى لو أخذنا بعين الاعتبار تفسير

(١) كان هذا من جملة اعتذاره. انظر إرشاد الأريب لياقوت الحموي ٢/ ٣١٥ طبعة مارغوليوث. وقد دخل أبو يوسف القزويني المعتزلى (ت ٤٨٨) - صاحب التفسير الكبير الذي سنتحدث عنه- بغداد ومعه عشرة جمال عليها كتب. انظر طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٢٣٠.
(٢) طبع للواحدي (ت ٤٦٨) من تفاسيره الثلاثة: المبسوط والوسيط والوجيز، تفسيره الوجيز فقط.


الصفحة التالية
Icon