هذه الكتب (التفسير الكبير) لأبي القاسم القشيري «١» والتفسير الكبير أيضا لأبي محمد الجويني والد إمام الحرمين (ت ٤٣٨) «٢» والذي أثنى عليه ابن عساكر في تبيين كذب المفتري وقال «انه اشتمل على عشرة أنواع في كل آية» «٣» ويعني بذلك فيما يبدو استيفاء وجوه الإعراب والقراءة واللغة والنظم وأسباب النزول والأحكام ونحو ذلك.
والكلمة التي نختم بها هذه الجولة في تفاسير هذا القرن هي أننا نلاحظ كثرة تفاسير الأشاعرة وأصالتها، وقد كان أكثر أصحابها على المذهب الشافعي في الفروع، وإن كان التفسير الاعتزالي لم يفقد أصالته في التجديد والجمع كما يوضح كتابنا «التهذيب» وكما يفهم في ثناء العلماء على تفسير القزويني وإعجابهم به، ولكن المعتزلة الذين آل تراثهم وفكرهم إلى الزيدية فقدوا هذه الأصالة في القرون التالية- وليس كذلك حال مجموع أهل السنة- فقد قنع الزيدية في اليمن بالحواشي والتعليقات، وبخاصة على تفسير الكشاف للزمخشري المتوفى سنة ٣٥٨ هـ، وإذا اعتبرنا الزمخشري من أعلام القرن التالي فإن الزيدية أنفسهم لا يعفونه من هذا الحكم لأن بعضهم يتهمه- كما سنرى- بأنه لم يعد في تفسيره أن لخص تفسير مؤلفنا الحاكم رحمه الله.
أما تفاسير أهل السنة فقد جاءت في القرن الخامس على درجة عالية من النضج بعد تطور مذهب الأشعري واستقراره تقريبا على يد الباقلاني

(١) راجع تبيين كذب المفتري لابن عساكر ص ٢٧٣.
(٢) يضاف إليهما تفسير أبي يوسف القزويني (ت ٤٨٨) الذي بعد من أهم تفاسير المعتزلة، والذي لم نقف على شيء منه.
(٣) تبيين كذب المفتري ص ٢٥٨.


الصفحة التالية
Icon