التشيع. ولم يحدثنا هو في ثبت شيوخه أن تلقى شيئا عن أبيه محمد، كما أنه لم ينقل عنه أو يعرض له فيما اطلعنا عليه من كتبه، ولعله لم يصحبه أو صحبه مدة قصيرة، وكتب التراجم على كل حال لا تذكر لنا شيئا عن حال أبيه العلمية سواء صحبه ابنه وتلقى عنه أم لا، في حين تحدثنا عن (محمد) ابن الحاكم، وتذكر أنه روى عن أبيه وعن غيره من العلماء، وأن (سماعه على أبيه) كان سنة (٤٥٢) «١» وفي هذا ما يشير إلى أن الحاكم لم يتأخر في الزواج عن الخامسة والعشرين من عمره.
٢) وقد انتقل الحاكم من بلده جشم وانزعج عن إقليم خراسان كله، لأنه مات بمكة سنة (٤٩٤)، ولكننا لا ندري شيئا عن تاريخ هذا الانتقال وعن الظروف المحيطة به، كما أننا لا ندري هل انتقل إلى غير مكة قبل أن يأوي إليها أم لا؟ ومن المحتمل أن يكون ترك نيسابور في أواسط القرن الخامس عند ما تركها كثير من أعلام المذاهب الأخرى كالجويني والقشيري نتيجة للفتن الشديدة التي حصلت بين الشيعة وأهل السنة هناك «٢»، وأنه لم يعد إليها كما عاد الأشاعرة بعد أن قرّبهم نظام الملك وبنى لهم المدارس الكثيرة في نيسابور- التي وضع على رأسها الجوينى- وغيرها، وأنه فضل البقاء في مكة مجاورا وبعيدا عن الفتن، وبخاصة أن مكة كان فيها كثير من الشرفاء الزيدية- منهم بنو سليمان بن حسن من أهل مكة، الذين ينتسب إليهم ابن وهّاس
(٢) انظر طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣/ ٢٥٤ - ٢٥٥.