(إمام الزيدية بمكة) المتوفى سنة (٥٥٦) «١» - ولكن الذي يبعد هذا سكوت كتب التاريخ وكتب التراجم عنه دون غيره من الأعلام! أو سكوتها عن مجاورته بمكة على الأقل، وبخاصة كتاب (العقد الثمين في أخبار البلد الأمين) الذي ترجم فيه الفاسي (ت ٨٣٢) لأعلام مكة والوافدين عليها والمجاورين بها، ولكل من زارها أو توفي فيها من العلماء والأعلام على مدى ثمانية قرون تقريبا، في الوقت الذي أفاض فيه في ترجمة الزمخشري «٢» - تلميذ الحاكم- وابن وهاس تلميذ الزمخشري.
ثم إن من المستبعد أن يقيم الحاكم بمكة كل هذه المدة الطويلة ثم يموت فيها مقتولا- كما سنرى- ويسكت عنه مثل هذا السكوت! كما أن شهرته في الزيدية لا تبيح لابن
وهاس أن يتتلمذ على الزمخشري دونه، حتى ولو كانت شهرة ابن وهاس كإمام للزيدية بمكة إنما كانت بعد وفاة الحاكم، اللهم إلا أن يكون الحاكم قد دخل مكة خفية- لأن أيدي الجناة كانت وراءه- وهذا يدل على أنه دخل مكة في أواخر حياته لا في أواسط القرن الخامس، وهو احتمال سنعرض له عند الحديث على موته رحمه الله.
والذي نرجحه أنه لم ينزعج عن بلده إلا في أواخر حياته، سواء أقام بغير مكة أم لم يقيم، والدليل على ذلك أن الزمخشري قد تلقى عنه- كما سنرى في ثبت تلاميذه- والزمخشري ولد سنة (٤٦٧) ولم يجاور بمكة إلا بعد وفاة الحاكم- على الأرجح- لأن صاحب العقد الثمين يقول في ترجمة الزمخشري: «ودخل بغداد قبل سنة خمسمائة،

(١) العقد الثمين للفاسي ٦/ ٢١٧ - ٢٢٠.
(٢) المصدر السابق ٧/ ١٣٧ - ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon