صار الثاني كأنّه شيء غير الأوّل، وجرى مجرى أن تقول: «لو شئت أن تعطي درهما أعطيت درهمين»، في أن الثاني لا يصلح أن يكون تفسيرا للأوّل.
واعلم أن هذا الذي ذكرنا ليس بصريح: «أكرمت وأكرمني عبد الله»، ولكنه شبيه به في أنه إنّما حذف الذي حذف من مفعول «المشيئة» و «الإرادة»، لأنه الذي يأتي في جواب «لو» وأخواتها يدلّ عليه.
وإذا أردت ما هو صريح في ذلك، ثمّ هو نادر لطيف ينطوي على معنى دقيق وفائدة جليلة، فانظر إلى بيت البحتري: [من الخفيف]
قد طلبنا فلم نجد لك في السّؤ | دد والمجد والمكارم مثلا «١» |
ويبيّن هذا، كلام ذكره أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين «٢»، وأنا أكتب لك الفصل حتى تستبين الذي هو المراد، قال:
«والسّنة في خطبة النكاح أن يطيل الخاطب ويقصّر المجيب، ألا ترى أن قيس ابن خارجة بن سنان لمّا ضرب بسيفه مؤخرة راحلة الحاملين في شأن حمالة داحس والغبراء وقال: ما لي فيها أيّها العشمتان «٣»؟ قالا: بل ما عندك؟ قال: عندي قرى كلّ نازل، ورضى كلّ ساخط، وخطبة من لدن تطلع الشمس إلى أن تغرب، آمر فيها بالتواصل، وأنهى فيها عن التقاطع قالوا: فخطب يوما إلى الليل، فما أعاد كلمة ولا معنى. فقيل لأبي يعقوب «٤»: هلّا اكتفى بالأمر بالتواصل، عن النهي عن التقاطع؟ أو
(١) قاله البحتري في مدح المعتز. اه الديوان (١/ ١٥٦).
(٢) انظر النص في البيان والتبيين ١/ ١١٦.
(٣) العشمة الشيخ الفاني ا. هـ القاموس:/ عشم/ (١٤٦٩).
(٤) وهو الشاعر الخريم الذي تقدم ذكره.
(٢) انظر النص في البيان والتبيين ١/ ١١٦.
(٣) العشمة الشيخ الفاني ا. هـ القاموس:/ عشم/ (١٤٦٩).
(٤) وهو الشاعر الخريم الذي تقدم ذكره.