اسمه، فإذا جعلوا «الرجل» بحيث لا تنقص شجاعته عن شجاعة الأسد ولا يعدم منها شيئا، قالوا: «هو أسد» وإذا وصفوه بالتّناهي في الخير والخصال الشريفة، أو بالحسن الذي يبهر قالوا: «هو ملك» وإذا وصفوا الشيء بغاية الطّيب قالوا: «هو مسك».
وكذلك الحكم أبدا.
ثمّ إنهم إذا استقصوا في ذلك نفوا عن المشبّه اسم جنسه فقالوا: «ليس هو بإنسان، وإنما هو أسد»، و «ليس هو آدميّا، وإنما هو ملك»، كما قال الله تعالى:
ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف: ٣١].
ثمّ إن لم يريدوا أن يخرجوه عن جنسه جملة قالوا: «هو أسد في صورة إنسان» و «هو ملك في صورة آدميّ». وقد خرج هذا للمتنبي في أحسن عبارة، وذلك في قوله: [من الخفيف]
نحن ركب ملجنّ في زيّ ناس | فوق طير لها شخوص الجمال «١» |
واعلم أنّه قد كثر في كلام الناس استعمال لفظ «النقل» في «الاستعارة»، فمن ذلك قولهم: «إنّ الاستعارة تعليق العبارة على غير ما وضعت له في أصل اللغة على سبيل النقل»: وقال القاضي أبو الحسن «٢»: «الاستعارة ما اكتفي فيه بالاسم المستعار عن الأصلي، ونقلت العبارة فجعلت في مكان غيرها».
(١) البيت في ديوانه (١/ ١٦٦) من قصيدة في مدح عبد الرحمن بن المبارك الأنطاكي، ومطلعها:
الركب: جمع راكب، ملجن: أي من الجن لغة، الزي: الهيئة. أي: نحن كالجن نألف المجاهل وركائبنا كالطير في قطع المسافات. المعنى: يقول نحن ركب وهم ركاب الإبل يقال: ركب وركبان من الجن في زي الناس فوق طير إلا أنها في صورة الجمال يرد لسرعة سيرها كأنها تطير كما يطير الطير. والبيت في شرح التبيان للعكبري (٢/ ١٥٩)، والإيضاح (٢٦٠)، ورواية الإيضاح: «نحن قوم الجن في زي ناس»، والمفتاح (٤٨٠)، وأورده محمد بن علي الجرجاني في الإشارات (٢١١) وعزاه للمتنبي.
(٢) علي بن عبد العزيز الجرجاني (ت ٣٩٢) صاحب كتاب «الوساطة بين المتنبي وخصومه». شذرات الذهب (٣/ ٥٦).
صلة الهجر لي وهجر الوصال | فكساني في السقم نكس الهلال |
(٢) علي بن عبد العزيز الجرجاني (ت ٣٩٢) صاحب كتاب «الوساطة بين المتنبي وخصومه». شذرات الذهب (٣/ ٥٦).