أذان إبراهيم في الناس بالحج
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه أجمعين.
أيها الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم (آيات الحج في القرآن)، والتي نسعد فيها باستضافة الشيخ صالح بن عواد المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء، فأهلاً بكم وسهلاً! في هذه الحلقة سوف نتطرق إلى قوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا﴾ [الحج: ٢٧] أولاً نريد أن نعرف من هو المأمور في هذه الآية؟ الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
فالمأمور في هذه الآية هو خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وذلك أنه رفع القواعد من البيت كما أخبر الله جل وعلا: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [البقرة: ١٢٧] وكنا قد حررنا هذا في موضعه.
فقول الله جل وعلا هنا: ﴿وَأَذِّنْ﴾ [الحج: ٢٧] خطاب له بعد أن فرغ من بناء البيت؛ ولهذا اختلف الناس ما الموضع الذي وقف عليه إبراهيم حتى يؤذن؟ فقيل: إنه وقف على الصفا، وقيل: إنه وقف على المقام الذي قُدِّم له ليعلو عليه حتى عندما ارتفع البناء حتى يبنيه.
أما ماذا قال؟ فقد ورد أنه قال: أيها الناس إن الله قد اتخذ بيتاً فحجوا ولم يكن أمامه أحد، ولهذا جاء أنه قال لربه: كيف أناديهم ولا يبلغهم صوتي؟ فأوحى الله جل وعلا أن أذن وعليَّ البلاغ، فيقال: إن الجبال تطامنت حتى وصل صوته إلى الأرض كلها، وأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجابه كل من كتب الله عليه الحج: لبيك اللهم لبيك.
(أذان) لا يخفى أنها وردت كثيراً، والله جل وعلا يقول: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ﴾ [التوبة: ٣].
كلمة (أذان) بالهمز معناها الإعلام، فإن قرنت بتهديد ووعيد أصبحت إنذاراً، وإن لم تقرن بتهديد أو وعيد لا تعد إنذاراً وهو على هذا يتحرر أن كل إنذار أذان، وليس كل أذان إنذاراً، هنا مجرد إعلام في قول الله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾ [الحج: ٢٧] لأنه لم يقترن بتهديد أو وعيد.
أما (آذان) بالهمز الممدود فهذه جمع (أذن) أما الأولى فهي (أذان) أي إعلام مصدر من أذَّن؛ أما الآذان بالمد فهذا جمع لأذن، وأحياناً يجتمعان كما ورد في بيت شوقي عندما تكلم عن الاحتلال الفرنسي لسوريا، وكيف أن الفرنسيين النصارى تسلطوا على المسجد الأموي، وهو ليس له قداسة كما هو معلوم، لكنه رمز تاريخي في الأمة، فيقول: مررت بدمشق فلا أذان يؤذن إنما ناقوس نصارى ولا الذين يجتمعون العرب المسلمون، وإنما الذين يجتمعون النصارى.